الى سعادة رئيس تحرير جريدة (اليوم) المحترم
كنت قد قرأت قبل فترة مقالا جميلا للاستاذ الدكتور جعفر شيخ ادريس بعنوان "الحضارة الغربية.. ضجة عن الحرية وممارسة الهيمنة الثقافية"، تعرض فيه الكاتب الى التناقض الصارخ بين المبادئ التي ينادي بها الغرب وبين الواقع العملي الذي يتعامل به مع الشعوب والثقافات الاخرى. والحقيقة ان ما نسمعه ونقرأه هذه الايام من خلال وسائل الاعلام المختلفة من احاديث مختلفة عن معاني الحرية والعدل والديموقراطية التي يفاخر بها الغرب الشرق ويزعم انه من حماتها والمدافعين عنها هي احاديث تصيب المستمع والمشاهد بالغثيان حين يرى الانتهاك الصارخ لهذه المعاني من الغرب نفسه تجاه الامم الاخرى. لقد رفع الغرب لواء الدفاع عن الحرية وعن القيم والمثل الغربية مقابل الحرب على ما يسمى "الارهاب"، فجاءت هذه الشعارات المموهة عبارة عن تكريس واضح للثقافة الغربية واضطهاد وحرب لما سواها من الثقافات الاخرى، واصبحنا نرى مع الوقت ان المسألة هي مسألة قولبة للعالم من جميع النواحي وبعبارة ادق تكريس للهيمنة الغربية من خلال "سلوكها كل سبيل لفرض قيمها وتجربتها السياسية، ونظمها الاقتصادية، بل ومعتقداتها الدينية على سائر شعوب الارض، ووصم كل ما يخالفها، بل كل ما يتعارض مع مصالحها، بكونه انتهاكا لحقوق الانسان، او إضرارا بالمصالح العالمية (الغربية).
لقد اصبح التعدي السافر من قبل الحضارة الغربية على قيم ومثل الامم الاخرى وبالذات الامة الاسلامية من البدهيات التي تمارسها وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة عندهم، فهذا احدهم كتب مقالا بجريدة "نيويور تايمز" يسخر فيه من كثير من الفضائل التي يتميز بها المجتمع السعودي، ويقولانها تعوق فتح "باب" السياحة امام الاجانب، ويرى ان الاستفادة من هذه السياحة تتطلب التخلص من تلك الفضائل، وان تستبدل بها الرذائل التي اعتاد عليها في بلده. ثم اخذ يسخر من الحجاب، ومن قتل القاتل، ومن منع اختلاط النساء بالرجال، ومن توقف العمل لاداء الصلاة، ان الحضارة الغربية التي تتشدق بالحديث عن الحرية وعن حقوق الانسان تنسى ذلك تماما حين يكون الأمر خاصا بسواها فلا حرية تعلو فوق حريتها ولا حقوق تعلو فوق حقوقها ولا مجال للحديق عن ثقافة فوق ثقافتها المسخ ولا ادل من ذلك سوى ما نراه اليوم من هجوم سافر على قلعة الاسلام وحصنه بلد الحرمين الشريفين من خلال وسائل الاعلام اليهودية والنصرانية الموتورة التي تريد ان تصيب المسلمين في قلاعهم الحضارية من خلال الهجوم على هوية العالم الاسلامي وخصوصيته في مجالات العقيدة، والمرأة والاسرة والتعليم والاخلاق. ان المؤسف حقا ان يصبح الاعلام الغربي تحت قيادة مجموعة من المعتصبين المتطرفين الغربيين الذين لا يكنون لثقافات الأمم الاخرى الا الازدراء والاستنقاص والحقد.
ان الحضارة الاسلامية ما كانت في يوم من الايام مطمعا لطامع يريد هلكتها الا كان نصيب شانئها الهلاك والثبور، انها حضارة تستمد عظمتها من عظمة هذا الدين الراسخ الذي كتب الله عز وجل له الظهور والخلود والغلبة "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي". ان تمسك هذه البلاد المباركة بالاسلام ودفاعها عنه سيظل شامة شرف وعز لها في الدنيا والاخرة، وهي كلما استعلت بالاسلام واعتزت به كان ذلك سببا لقوتها وتمكينها ونصرها.
ماجد محمد صالح الجهني
الظهران