ماذا بعد ضرب افغانستان؟
من التالي؟
ما الهدف و.. ما المحصلة؟
تلكم هي الاسئلة المرعبة المطروحة بعنف على الخارطة العربية، اصحاب قرار، شعوب، حاضر ومستقبل. علامات الاستفهام تكبر كل يوم رغم التطمينات الملتبسة والمخاوف تتسع وتفتح فكيها بوحشية.
منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر لا تحمل التطورات سوى عنوان واحد ترسخه السي. ان. ان: (الحرب ضد الارهاب). وتحشر الادارة الامريكية كل دول العالم بين قوسين حديديين: اما معنا واما مع الارهاب. معها.. كيف؟ هي التي تقرر وتوزع الادوار. أي ارهاب؟ هي التي تحدد المعنى والاشخاص المعنيين. وتحدد ايضا مكان وزمان الضربات بالرغم من انها عاجزة عن تحديد مكان من تسميهم (الارهابيين).
الغارات على افغانستان ليست حربا بل هجوما تقوم به اقوى واغنى دولة في العالم ضد افقر واضعف دولة. ونستخدم كلمة دولة هنا مجازا باعتبار ان الاعتراف بحكومة طالبان اقتصر على ثلاث دول فقط. اذا افغانستان ليست دولة بالمعنى التقليدي للدول. شعب لاجىء داخل بلاده وخارجها يطارده الخوف والجوع منذ اكثر من عقدين وارض اثبتت انها مقبرة للغزاة. اما طالبان فهي الحركة الحكومة الدولة.. او سمّها ما شئت فلا تزال الامم المتحدة تبحث عن اسم لها.
العالم اليوم يغلي لمجرد ان الولايات المتحدة تريده ان يغلي. حرب ليست حربا. عدو مجهول الملامح والمكان. يمكن ان يكون في كهف او في بحر او يقود سيارة جيب في احدى مدن الهند كما حدث في راجستان التي اكتشفت شرطتها بعد ساعتين من المطاردة ان الملتحي ليس اسامة بن لادن بل نجل احد العاملين باحدى الشركات الامريكية في تلك الولاية الهندية.
الغليان في كل مكان لكن الادارة الامريكية تعلن ان الانفجار التالي قد يحدث في اية ولاية امريكية. وتتوقع اعتداءات كيماوية وجرثومية. لماذا اذا هذا الاستنفار العالمي وتحركات الاساطيل في البحار ولماذا ينشر حلف الاطلسي قواته البحرية في البحر المتوسط لتتمركز في شرقيه بطلب من الولايات المتحدة.
هناك اذا ما هو ابعد من افغانستان واقوى من طالبان واخطر من ابن لادن في المنظور الامريكي. وثمة ايضا تصفية حسابات. والحسابات الامريكية في المنطقة هي نتاج المعادلة نفسها: مصلحة وأمن اسرائيل. ويطرح من الحساب المصالح والمطالب العربية.
لقد اعلن المسؤولون الامريكيون عن عزمهم على اجتثاث شبكات الارهاب وحددوا دولا بعضها عربية مكانا لهذه الشبكات. فهل تكون الضربة الثانية غارات على مناطق متفرقة في اكثر من دولة عربية وفي نفس الوقت بدعوى وجود (ارهابيين). وان حدث هذا ماذا يبقى للنظام العربي الذي يسعى الان لافهام واشنطن بخطأ ربط الارهاب بالعرب والمسلمين؟
الاحتمالات مفتوحة والقبور ايضا. ألم ترحب اسرائيل لاول مرة بما سمته اجراءات السلطة الفلسطينية ضد الارهاب عندما فتحت ثلاثة قبور في غزة القاتل والمقتول فيها فلسطيني.. فيما كل فلسطين مشروع قبر كبير في المخطط الصهيوني.
اذا كان ما يجري محاولة لاعادة الهيبة الامريكية فان ما جرى يكفي اما اذا كان الهدف أمن العالم واستقراره والقضاء على الارهاب فان الطريق واضح وغير مكلف ايضا. وربما تبدأ الخطوة الاولى بالاتفاق على تعريف الارهاب حيث لا يختلف اثنان على ان شارون أبشع ارهابيي القرنين.