.. قرأت عن الفتاة التي أصيبت بمرض خبيث، وأقر الاطباء بأنها لن تعيش الا أشهرا معدودة.. ويقول الطبيب ذلك عادة لا مقرا ولا مؤكدا، وانما من معطيات حالية، وقياسات مختبرية وفسيولوجية تقود الى النتائج المؤكدة.. على أن كل طبيب يعلم برغم هذا التأكيد ان الامور ليست حتمية.. دائما هناك قدرات كامنة لا نعلمها.. ولم يصل اليها الطب.. تقلب كل النتائج. من هذه القدرات فيوض الايمان..
و(جميلة) صبية في اشراقة العمر الاول احضرها والدها لهذا البلد القصي لاجراء زراعة كلية جديدة عوضا عن كليتيها اللتين اصيبتا بإخفاق نهائي.. زرت الصغيرة ليلة العملية وكنت اضمر في نفسي تشجيعها وشد عزمها في لحظة حرجة لعملية حرجة.. (جميلة) في بياض الياسمين، تنير المكان.. لم نحتج ان نعطيها حرفا واحدا لمؤازرتها.. فقد كانت تتلو القرآن وملامحها الوضيئة تهب لك كل اطمئنان الدنيا.. اردنا ان نعطيها شيئا من الامان.. ومنحتنا كل الاطمئنان.
اتصلت في يوم الغد بالاطباء الذين اخبروني آسفين.. بأن المناعة النشطة في جسد الصغيرة لم تعط فرصة للنجاة للكلية المزروعة.. فشلت العملية!!
الفتاة التي ابتدأنا بها هذا المقال ترددت على بيت الله الحرام وشربت من نهل زمزم واذن الله بشفاء مدون في كتابه المحفوظ.. انها الآلية التي ظاهرها البيولوجي المادي مع الغيبية الايمانية القدرية.
جميلة.. لم تكن بهذا الحظ! وهي مشيئة الهية ايضا.. كان صعبا علينا ان نراها بعد العملية.. ضعفنا.. وحزنا.. وربما خانتنا شجاعتنا، هذه الخؤون دائما!
دخلنا والاطباء يقولون لها: نحن آسفون.. ستدخلين مرحلة جديدة من الاعتماد على اجهزة الغسيل والأدوية، وتقييد الحركة والشرب والطعام.. رفعت الصغيرة الوجه نفسه الذي عرفناه مضيئا كالبلور وقالت لنا: بل إنني ادخل مرحلة جديدة من سعادة الايمان!
