بعد الهبوط في مطار بيروت الدولي وبعد ان رحبت بي وبمن يرافقني موجة من الحر، الذي لم نعهده بعد، من حرارة مواسم رحلة الصيف في أجواء مدينة "بيروت" وقد تعددت التساؤلات، بيني وبين نفسي، هل نحن في ذلك الموسم من الصيف الذي لم نعهده بعد في مواسم الاصطياف في "لبنان" أو في أمكنة أخرى؟؟ وحاولت المقارنة بين مناخ المنطقة الشرقية وهذا المناخ الطارئ في حرارته، وتوهمت في تخيلاتي متسائلا: هل نحن في ذلك الجو الذي عهدته في تخيلاتي في مدينة "الخبر" قبل أن نكتشف استعمال "المكيف"؟ لكن الواقع أكد لي وأقنعني بأن الموسم الذي ابتعدت عنه في سماء تلك الطائرة التي نقلت أعدادا كبيرة من السياح وأخيرا وجدت نفسي وعائلتي أمام باب بيتنا الذي نسكنه واخترناه في المكان التاريخي الذي يطلق عليه اسم "بشامون" والذي ولد فيه أول "دستور لبناني" وقريبا من ذلك المكان المنصوب فيه تمثال "الأمير شكيب ارسلان" تقديرا واحتراما لتلك الشخصية.
وفي اليوم الثاني من سفري وجدت نفسي أنطلق حرا في شارع "الحمراء" بمدينة بيروت المشهور بالسياح المتزاحمين وببائعي الكتب وموزعي الصحف والجرائد والمجلات على اختلاف انواعها واتجاهها ومذاهبها السياسية والوطنية بالإضافة لموجة من السياح الذين زادوا على عدد المليون في الاحصائيات وقد جرى تفسير الاسباب من ذلك التزايد كما يقول احد المحلليين وهو مقاطعة السياحة في الولايات المتحدة.
وفي ذلك الشارع المشهور بالحمراء بادرت بشراء جريدة "السفير" عندما سمعت بائعها ومروجها يردد ويصرخ بصوت مبحوح وكأنه يدعوني ويشجعني على شراء ذلك العدد من الجريدة وقد لفت سمعي ذلك المنادي بأن المملكة ـ حماها الله ـ في قرارها الذي أصدرته منعت غير المواطنين من العمل في 22 مهنة لغير أبناء الوطن السعودي مما زادني ودفع بي ذلك النبأ الى الاسراع بشراء وقراءة تلك الجريدة والاطلاع على ما نشر فيها لأنني شاهدت الكثير من السعوديين يتسابقون على شرائها وفي زاوية لأحد المقاهي المشهورة بجلوس واستقبال السياح فيها جلست على أقرب كرسي لأخذ الراحة وتناول فنجان من القهوة وقبل أن أنادي وأدعو "الجرسون" لهوت في ذلك المكان من الجلوس بمتابعة مانشر في تلك الجريدة "السفير" واقرأ ذلك القرار الصادر عن معالي وزير العمل والعمال الاستاذ "علي النملة" بإلزام الشركات والمنشآت بعدم توظيف غير ابناء الوطن من السعوديين في الوظائف الآتية: "مدير اداري، وظائف العلاقات العامة، الوظائف الكتابية، مساعد اداري، مدير مشتريات، مأمور مشتريات، الوظائف الكتابية، سكرتير وظائف السنترال، أمين مخزن، محصل ديون، محاسب زبائن، صراف، موزع بريد، مسجل معلومات، امين مكتبة، بائع كتب، بائع تذاكر، بائع معرض سيارات، مشرف سكن، مراسل ومرشد سياحي".
لقد أصدرت السلطات السعودية، في العام الماضي قرارا بمنع غير السعوديين البالغين من العمر أقل من اربعين عاما من العمل في محلات بيع الذهب بهدف رفع نسبة السعوديين العاملين في هذا القطاع من اقل من ثلاثين في المائة حاليا الى خمسين في المائة خلال العام الجاري ومئة في المئة في العام المقبل وقالت تقارير الصحف السعودية: ان العمل في محلات البقالة اصبح يقتصر على السعوديين وفرضت على الشركات الخاصة التي يعمل فيها اكثر من عشرين شخصا ان يكون ثلاثون في المئة من موظفيها من السعوديين وكان وزير العمل قد أعلن مؤخرا عن تشكيل لجنة خاصة لتوسيع لائحة الوظائف التي لا يسمح لغير السعوديين بشغلها و"هناك من يرى ألا يجعل من السعودة ما يلحق الأضرار بالموظفين العرب غير السعوديين الذين ادوا رسالة التعليم والوظائف الهامة بكل إخلاص ونشاط والتحذير مما يسمى "العولمة" التي لا تهضم والتي بدأت تطل برأسها خلف الستار ولأن تفسيرها العلمي لا يخرج عن الضغط على الفقراء ورفع مستوى الاغنياء وقبل ان انهي هذا التعليق فقد لمست الاهتمام من جانب الصحف العربية التي تقف بجانب وصف مشاعر صحفنا المحلية بأعمق المشاعر الوطنية وفي أكثر المواقف.