تروتسكي كتب "اننا لا نبحث عن الحروب، الحروب هي التي تبحث عنا" وهذا الكلام هو الذي افتتح به الكاتب الامريكي المهم "الفن تافلر" كتابه عن الحرب ومقاومة الحرب (war and anti war) والفن تافلر هو صاحب الكتاب الاكثر شهرة والذي كان حديث الاوساط الفكرية في العالم في الثمانينات "صدمة المستقبل".. ويعتقد الكاتب ان الحروب تشكل العالم او انها تعيد تشكيل العالم.. الكاتب يعبر عن استيائه من الحرب بهذا المشهد الذي كتبه في مقدمة الكتاب "الحرب تعني لي ذلك الطفل البوسني الذي انفجرت قذيفة من نار لتطير بنصف وجهه، بينما امه قد سمرها الهلع".. يا إلهي.. الرحمة! صور الحرب لا تنتهي ولن تنتهي.. ومآسيها وفواجعها فوق الوصف والحرب مهما كانت بواعثها مثل الفقر والجهل والانتقام لا تبرر فكيف بحرب بدون بواعث؟ تقريبا! العراق بلد يتساقط من نفسه ويتداعى طوبة طوبة ومازال مهددا.. ما الذي ستفعله الحرب في العراق غير الواقع المرير الذي تعيشه آلاف الاسر فيه؟.. غير هذا الذي يفعله رعاة البقر في افلام الغرب الامريكية عندما يسقط الحصان من الالم ليأتي "الكابوي" ويسدد في رأسه رصاصة الرحمة.. اي حرب قادمة على العراق هي بمثابة الرصاصة الأخيرة قبل الموت.
لا تستدعي الامور حربا لاخذ اي شيء من العراق.. ولايستدعي حربا قلب اي كرسي في العراق.. والعراق ان كان يهدد العالم الغربي فهذا من السخرية التي لا تضحك احدا.
صارت الحرب تكتيكا آخر وأهدافا اخرى ليس منها درء الخطر.. نقول ذلك والعالم كله يقول ذلك.. هذا العالم الذي جاء جيشا واحدا قبل اثنتي عشرة سنة لا يرى تهديدا حاليا كالذي رآه واقعا في تلك الفترة مهما تهاودت الحناجر بالاقناع او تصاعدت بالوعيد.. هذا العالم لا يرى الان الذي رآه في غزو الكويت.. ولا يستطيع ان يرى الان ماوراء النوايا في شن حملة عسكرية.. "وقائية او مبكرة" على العراق على اي حال.. يدفع الثمن اطفال هم زملاء القهر والالم والعذاب لذلك الطفل البوسني الذي طار نصف وجهه.. إذا يقول "تافلر" ان الحروب تغير شكل العالم او انها تساهم في تغييره.. هذا التغيير يطال اشياء كثيرة من الثوابت او التي ظنها الناس لقدر من ازمان من رواسخ الارض.. من هذه الثوابت تغيير واقع الدول الجغرافي والاجتماعي لغرض مصلحي لايخفى..نحن في هذا نتفق مع "الفن تافلر" تماما!