عندما تكون الصحافة عشقا يتجلى الابداع وتتضح العطاءات وتظهر القدرات المتميزة والمواهب الفذة لدى الصحفي سواء في مقاله او في خبره او في انفراداته بل وحتى في لقاءاته الميدانية وتحقيقاته فليس كل من ظهر اسمه في الصحف يستحق ان يطلق عليه لقب (صحفي) لان هناك العشرات ممن نقرأ اسماءهم في صحفنا اليومية يعتبرون عالة على الوسط الصحفي ووجودهم اما مجاملة او بسبب الواسطة ولكنهم سرعان ما ينتهون لانتهاء السبب الذي ادى الى التحاقهم بالصحافة فمن يدخل الصحافة حبا في المادة لابد ان ينتهي لانها مهما اعطت من المرتبات الضخمة لا تدوم، فالمهم العطاء المقابل لتلك المرتبات ومن يدخل من اجل الشهرة والاضواء سيتلاشى لان الصحافة تريد من يحترق حبا في الصحافة ويضحي بوقته وجهده بل واحيانا يدفع من ماله لاجل انجاز عمل صحفي متميز ان الصحافة عشق جميل لمن يهواها ويتلذذ بها مهما عانى وكابدمن العقبات وهي فن راق لمن يجيد العوم في هذا المحيط المتلاطم الامواج كثيرون هم الذين يجلسون في مكاتب الصحف ولكن هل كلهم يستحقون لقب (صحفيين)؟ بالطبع لا. لان من يعتمد على الفاكسات ليس صحفيا.
لقد قرأت للاستاذ طلعت همام في مؤلفه (مائة سؤال عن التحرير الصحفي) قوله: (ومن الضروري ان نؤكد هنا ان نجاح أي محرر صحفي مهما كان موقع عمله انما يتوقف على علاقاته مع مصادره الحية وقدرته على حسن اختيارها والتعامل اللبق مع هذه المصادر ولاشك ان معرفة الناس فن، والتحدث معهم فن،وقدرتنا على الانصات اليهم فن، وهذه الفنون جميعها لابد ان يدركها كل محرر يريد لنفسه النجاح في مهنة الصحافة ويسعى الى الوصول الى التفوق فيها والنبوغ في معاملة وسائلها) هل يعي صحفيو الفاكسات هذا الكلام ويتواضعون وينزلون الى الميدان باقلامهم وكاميراتهم واجهزة التسجيل فهذه هي الصحافة الحقة واسألوا من امضى عشرين سنة من عمره في الصحافة امتهانا وعشقا وتحقيق ذات.
عبدالعزيز بن صالح الدباسي