DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

هروب العلي من "جمرة" المجتمع

هروب العلي من "جمرة" المجتمع

هروب العلي من "جمرة" المجتمع
أخبار متعلقة
 
عزيزي رئيس التحرير تحية طيبة وبعد قرأت زاوية " بعد آخر " للاستاذ / محمد العلي بعنوان (جمرة ) ـ صحيفة اليوم العدد 10685 الاثنين 9/7/1423هـ (16/9/2002م) .. كأنما أراد الأستاذ العلي أن يعرب عن رغبته الجامحة في الانفكاك من جمرته المكتوي بها، لكن هيهات لامناص .. وبعد أن ضرب مثلاً بجمرتين (سوء التربية الاسرية و العلاقة الزوجية السطيحة) اللتين لا ادري كيف استسهل حلهما، فقط كي يزيحهما عن طريقة، وهما لا تقلان صعوبة عن جمرته الثالثة التي أراد الوصول إليها بسرعة، فهي بيت القصيد .. ومثلما استسهل حل مشكلة الجمرتين الأوليين، كذلك فعل بجمرة المجتمع .. وإذا كانت هذه الأخيرة ـ كما وصفها بالمشكلة العويصة ـ فكيف حلها بهذه السهولة ؟ والواقع أن الأستاذ العلي لم يقدم حلا بل هروبا .. لا شك أن حياتنا العامة والخاصة مليئتان بجمرات عديدة متنوعة لا حصر لها، تفوق في أضرارها الجمرة الخبيثة .. فهذه الـ ( ANTHRAX ) تقتل أفرادا وبشكل محدود، بينما جمراتنا تدمر الناس جماعيا وتصيرهم أشباحا بلا رؤوس .. وما جمرة المجتمع (المشكلة العويصة) التي تمثلها الأستاذ العلي غولا لا طاقة له بمواجهته فلا يمتلك غير الترحيب به بشكل مهين، تماما كما يستسلم إنسان مسحوق أمام جبروت وطغيان العادات والتقاليد البالية وركام المفاهيم الخاطئة، ويقبل بملء إرادته أن يعيش في غربة قاتلة، اقصد غربة النفس وليست غربة الأوطان .. انه انهزام الإنسان من الداخل، والاستسلام المميت بشكل بائس .. وهل هناك ما هو اكثر بؤسا عندما يعلن الكاتب، المثقف، المفكر، هروبه من واقعة المر ويكتفي من الغنيمة بالإياب، بدلا من أن يظل (جمرة) متقدة، يحيل جمرات المجتمع الحارقة إلى مشاعل تنير دروب الظلام .. أين هي إذن مسؤولية الكاتب، المثقف، المفكر، إذا لم يحاول بقدر المستطاع ان يواجه جمرات مجتمعه .. وقد يضطر أن يدوسها بقدمين عاريتين تكتويان بحرارتها، تاركه آثارها وندوبها، تلك هي الضريبة التي لا بد أن يدفعها هذا المثقف أو ذاك .. ليس صحيحا أن مواجهة جمرات المجتمع تعني الخروج عليه، وإنما هي تلاحم وتواصل بالمجتمع وتلمس مشاكله .. وقبل أن نطلب من المجتمع مواجهة مشاكله وتعريتها ، على الكاتب أولا أن يواجه نفسه، ويحدد معالم طريقه، وما هو الأسلوب الذي عليه أن يختطه لطرح ومعالجة مشاكل مجتمعه .. والتلاحم مع المجتمع يتحدد بقدر ما يتركه المثقف من آثار في مجتمعه وما يحدث فيه من تغيير وكما أشرت إلى أن الكاتب سيعاني ومعاناته تلك تنبع من الصراع الاجتماعي الذي لابد منه وهو ـ أي المثقف ـ جزء من ذلك الصراع، وهي سمة المجتمعات البشرية على مر العصور .. وإلا لما قامت حضارات ونهضت أمم، ونزلت رسالات سماوية وبرز المصلحون الذين غيروا واقع مجتمعاتهم وبدلوا مسارات التاريخ، وهو عكس النتيجة التي توصل إليها الأستاذ محمد العلي في آخر سطر من موضوعه (جمرة) .. وكان الأحرى به أن يقول لا أهلا ولا مرحبا بالجمرة أو الجمرات التي تكرس التخلف وتحارب كافة اوجه التقدم . جعفر النصر/