كثيرة هي مناسبات الخير والبركة التي نحتفي بها في هذا الوطن الكبير بمقدساته وقادته وشعبه، وكثيرة هي تلك المعطيات الخيرة التي تحققت للإنسان السعودي منذ أن وطئت قدما موحد هذا الكيان الكبير الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه وغفر له ـ ارض الرياض قبل مائة سنة عائداً إلى أهله وعشيرته وأرضه ليبني من ذلك التاريخ ملكاً لم يكن طارئاً ولا حادثاً وإنما هو تليد متأصل منذ أن اتفق محمد بن سعود رأس الأسرة السعودية المباركة مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمهما الله ـ على إقامة دولة الحق والعدل في عهدها الأول .. حيث بقى هذا المسار وسيظل قائما على نهج الشريعة الإسلامية السمحة وسيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ماذر شارق وما تلألأت الشمس في كبد السماء بإذنه تعالى .
إن تاريخ هذه البلاد المقدسة الحديث بفواصله العظيمة ومحطاته المشرقة جدير بالاحتفاء والتأمل، غير ان محطة الوحدة والتوحيد المتمثلة في اليوم الوطني بفاصله الزمني المحدد بتاريخ 1351 هـ علامة مضيئة، ومنعطف تاريخي له ما بعده في حياة شعب المملكة العربية السعودية محفور بالحب في قلب كل مواطن يعيش في هذه البلاد ويتشرف بالانتماء لها أرضاً وقيادة .
حيث الغيت في هذا التاريخ كل الترسبات الإقليمية المحدودة والمصالح الفردية الضيقة والانتماءات المتنافرة ليحل محلها الإيمان بالله أولا ثم الحب والتلاحم من خلال وحدة الأرض والدم والهدف والمصلحة العامة .
إن يومنا الوطني هذا اليوم الذي أعلن فيه المؤسس والموحد الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ دخول هذه البلاد في عهد جديد من التلاحم والتوافق والمضي نحو التقدم والرقي والقضاء على التشرذم والتخلف ومحاربة الجهل والمرض، ورسم طريق المستقبل المشرق الذي وصلت إليه المملكة في عهدها الزاهر الحالي .
وتستشرف من خلاله آفاق مستقبل مشرق ـ إن شاء الله ـ هذا اليوم هو جدير بالتأمل ومراجعه التاريخ لمعرفة ما تحقق على ثرى هذه البلاد من إنجازات عظيمة في شتى مجالات الحياة، وما ينعم به إنسان هذه الأرض من أمن وأمان ورغد عيش في ظلال شريعة الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم . لم يعد اليوم الوطني مناسبة عابرة تمر وتنتهي بالخطب والقصائد ولكنها مناسبة دائمة المعطيات لها عبقها التاريخي المجيد، وهي مناسبة راسخة في وجدان كل مواطن من مواطني هذه الدولة المسلمة، مناسبة فيها تغلبت مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد والاجتماع على التفكك. مناسبة فيها ضمان حقوق الأمة وحماية الأنفس والمال والأعراض إلا بحق الإسلام .
إن هذا المنعطف التاريخي العظيم جدير بالاحتفاء وتخليد ذكراه فقد انتقلت المملكة انطلاقاً من هذا التاريخ تاريخ اليوم إلى مكانها الطبيعي كشريك فاعل في القرار العالمي بما يرسخ الحق والعدل للبشرية جمعاء ويدعو إلى السلام ونبذ العنف دون التفريط في حقوق الأمة وثوابتها ومكتسباتها .
إن الواجب يحتم علينا ونحن نحتفي بيومنا الوطني أن ندعو الله تعالى لموحد هذا الكيان الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ بالمغفرة والرحمة لقاء هذا العمل الجليل الذي حفظ لشعب المملكة عرضه وماله وصان حقوقه ومقدراته سائلين الله جلت قدرته ان يحفظ لنا قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا الملك فهد بن عبدالعزيز وان يبقيه خادماً للحرمين الشريفين وسنداً بعد الله لأبناء شعبه وان يحفظ ولي عهده الأمين وساعده الأيمن الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز والأسرة السعودية الحاكمة وشعب هذه البلاد وان يديم علينا نعمه وكل عام والجميع بخير إن شاء الله . * وكيل جامعة الملك فيصل