كثيرون هم الذين يمتهنون الذاكرة ومخزونها من المواقف التي مروا بها.. حلوة كانت او مرة وكثيرون هم الذين حصروا ذكرياتهم في قطعة فحم أو حديد حفروا بها بعض الأحرف الى جانب كلمة ذكريات الجدران.. حملت وزر الامتهان الذي يمارسه بعضهم ضد ذكرياتهم ..الاخشاب بكل اشكالها ابوابا كانت او مقاعد او طاولات وكان آخر ما وقعت عليه عيناي هما حرفا A - m على (كاونتر) موظفي احد مكاتب الاتصالات من الجانب المقابل للعملاء مما يعني ان عميلة ما جلست تنتظر دورها او انجاز المهمة التي اتت من اجلها فآثرت ان تحفر بعض الرموز على مكتب الاستقبال وبغض النظر عن الاساءة للجدران او حتى المصاعد التي لم تسلم من ذلك رغم جدرانها المعدنية. تعنيني هنا الاساءة للذكرى نفسها بحجزها في بضعة احرف في مكان ما.
هل يمكن ان نكتب ذكريات H.O.M ونحن نعنيها حقا بشخوص ما وادوار لعبوها في حياتنا اما اننا حين نكتب ما نكتب يكون هو آخر العهد لنا بالذكرى اذ نتركها رهينة المكان والزمان لنرحل عنها فلا نعود عليها ولا تعود الينا.
وهل الامر مقصور في هذا الشكل من الامتهان على الصغار والمراهقين أم ان امتهان الذكريات يصدر من الكبار بأشكال اكثر قسوة. رغم انها فقدت كل قواها واصبحت مجرد ذكرى لنا ان نشرع لها صدورنا وقتما شئنا ونستقبلها بحب او بعقل فان كانت حلوة جالبة للشعور بالرضا والسعادة فهذا خير نجلبه لنفوسنا في اوقات نحتاجها نحن فيه.. وان كانت محزنة جالبة للشعور بالخيبة كانت خيرا ايضا عندما نحولها الى قاعة درس نصغي فيها الى تجاربنا ونستلهم منها القوة للقادم.
ان كل يوم يمر علينا في كل لحظة منه درس لنا وموعظة آنية ودرس وعبر مستقبلية فان لم نكن فهمناها في وقتها فلعلنا نفهمها ونقدر قيمتها فيما بعد ولكن ان نشوهها ونسقطها فهذا مالا تستحقه منا.
يقول خليل مطران:
==1==
إن الليالي للأنام مناهـــــل==0==
==0==تطـوى وتنشر دونها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة==0==
==0==وطـــوالهن مع السرور قصار
==2==
نعم.. هذه هي حكاية الأيام التي تنتهي متشابهة في زاوية الذكرى يتساوى طولها وقصرها ولا يتساوى اثرها الباقي ببقائنا.