طفلة العاشرة التي تدرس في احدى مدارس تحفيظ القرآن الكريم بالصف الرابع الابتدائي يكاد جسدها النحيل الا يستطيع لها حملا من شدة الاعياء الذي ينتابها اخر اليوم جراء مجهود رهيب تبذله للاتيان على كل الواجبات المدرسية الكثيرة وتخيل وانت تراها في بعض الاحايين ممسكة بتلابيب ثيابها والجلد معه فوق القلب مباشرة انه يكاد ينخلع منشدة خفقانه وهول اضطرابه! جسدها الغض المتعب مع نظراتها الطفولية الوادعة البريئة تلحان عليك وانت تراها منكبة على دراستها غارقة في همومها المرحلية بالتفاعل معها عطفا ورحمة ورغبة في تخليصها او على الاقل التخفيف من معاناتها.. تلك البنية الصغيرة المسكينة تشاركها زميلاتها بمدارس تحفيظ القرآن الكريم نفس المعاناة وان كانت الدرجات متفاوتة تبعا للاهتمام الشخصي ومقدار التفوق الذي لابد من المحافظة عليه والضغوط البيئية الاخرى وكل تلك العوامل تختلف بالطبع من طالبة لاخرى لكن يبقى الهم المشترك في عمومه واحدا. تقوم مدارس التحفيظ بتدريس المنهج الدراسي المطبق في المدارس العامة الاعتيادية باكمله مضافا اليه منهج القرآن الكريم المميز لتلك المدارس وهو منهج يعتمد الحفظ اليومي لعدد من الصفحات ليس باليسير اذن فمناهج التحفيظ تحتاج والحالة تلك الى جهود مضاعفة مستمرة ومرهقة جدا لا تنتهي بالطالبة المجتهدة الا وقد اردتها على فراشها في نهاية اليوم جثة هامدة!! ياوزارة المعارف ليس المقصود من التعليم تعذيبنا بل المرجو ايجاد جيل مرتبط بقرآنه ارتباطا وثيقا ولن يكون هناك ارتباط وثيق الا بوجود ونشوء حب داخلي بين الطالبة الصغيرة ودستور هذه الامة وانى لذلك ان يكون وهي تعاني الامرين في سبيل التوفيق بين حفظ الآيات الكثيرة وبين متطلبات بقية المناهج وهي ايضا كثيرة بصورة يومية اذن فالمطلوب ان يخفف من المنهج العام تخفيفا لا يخل بالمقصد التعليمي ولا اعتقد ان هذا الامر عسير والوزارة تملك اساتذة مختصين بتلك المناهج ولديهم القدرة على ذلك. ان مدارس التحفيظ وللبنات بالذات تقدم خدمات للمجتمع جليلة من خلال ضخ نماذج صالحة في الحياة العامة تتمثل نهج الاسلام بكل صفائه ونقائه ولكم يثلج الصدر ان ترى بنيات في سن الزهور يعتبن على آبائهن باسلوب محبب نهجا رأينه خاطئا من خلال ماتلقفوه من افواه معلماتهن اثابهن الله ولا اجمل منهن وهن يروين لك قطوفا رائعة من احاديث سيد البشر صلى الله عليه وسلم تحكي خلقا قويما او عملا عظيما لو لم يكن من ثمرات تلك المدارس الا تلك النماذج الرائعة لكفى بها فخرا على ماسواها. ياوزارة المعارف الموقرة لا نريد ان تفقد مدارس التحفيظ بنياتها بسبب الارهاق الذهني والجسدي فشمروا اعانكم الله عن سواعد الجد فيما اسلفنا من تقليل كمية المنهج العام وبما يحافظ على المقصود والمرام. بنيتي منيرة.. صبرا فلعل الله ان يحدث على يد الوزارة بعد ذلك امرا!!