مازلت اتذكر فولفات تكاسي العاصمة الرياض التي كانت تسير مثل طلقة رصاص طائشة بحسب توجيه مقدمة المركبة مجسدة المعنى الحقيقي لكلمة (سيدا) (بكسر السين والياء معا) وتقف فجأة لالتقاط زبون الغفلة في أي مكان حتى لو كان في منتصف الطريق، فيندحش ضمن بقية الركاب المغلوب على امرهم لتحمل اهوال كفيلة لتخريعه عندما يكتشف لاحقا بان من يقف خلف مقود المركبة لا يعرف من ابجديات السواقة سوى (دق السلف!!).
ومرت الايام وتعاقبت السنين وحصل ما حصل من تطور مذهل في تقنية السيارات والبنى التحتية من شوارع وطرقات سريعة مرصوفة باحدث المواصفات, وانتشرت خدمات متعددة خاصة بالنقل العام ومنها النقل الجماعي والباصات الخاصة بتوصيل مدرسات المناطق النائية (اعانهن الله وصبر ذويهن)، اضافة الى اساطيل سيارات الاجرة او ما يعرف حاليا بالليموزين، لكن ظل قاسم مشترك تجتمع فيه معظم هذه الخدمات يتمثل في سلوكيات من يتولون قيادة معظمها التي يجسدها الاهمال واللامبالاة اللذان قضيا ولا يزالان على اهم ثروت هذه البلاد الخيرة (حفظها الله من كل مكروه) من بشر لا يمكن تعويضهم، اضافة الى البلايين التي صرفت لمعالجة وتأهيل ضحايا هذا الاهمال غير المبرر، ناهيك عن خسائر البنى التحتية والفوقية. لا اود الاطالة في مواضيع النقل الجماعي والليموزينات (التي تدار بواسطة غالبية مطلقة من الوافدين!!) وتبعاتها السيئة الذكر فالاحصائيات الرسمية وغير الرسمية كفيلة بتبيان ذلك، لدرجة ان معظم الذين اجبرتهم الظروف لقضاء حوائجهم في التنقل بوسائل المواصلات على اختلاف انواعها او التجوال في الشوارع والطرقات اصبحوا يتعوذون من مصائبها اكثر من التعوذ من ابليس لعنه الله. ثمة حلول جذرية باتت تلوح في الافق سوف يبدأ العمل بها قريبا ومنها التأمين الالزامي على المركبات الذي سيطبق قريبا، اضافة الى خصخصة قطاع نقل الطالبات والمعلمات (وآمل ان يضاف الى ذلك الطلاب) الذي تدرسه حاليا لجنة رباعية مؤلفة من وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة التعليم العالي، ووزارة المعارف، ووزارة التخطيط.. لكن هذه الحلول ستظل اجتهادات (غير مجدية) تضاف الى ما تم عمله في السابق ما لم تأخذ في الحسبان ضرورة ربط رسوم التأمين بنظام نقاط المخالفات المرورية، بمعنى زيادة رسوم التأمين على الفرد بمقدار المخالفات المرورية التي يرتكبها الى حد سحب رخصة القيادة لفترة مؤقتة تنتهي بسحبها نهائيا (ويطبق ذلك على جميع السائقين بدون استثناء!!) ايضا اهمية صدور قرار ملزم (بدون استثناءات!!) بألا يمارس مهنة السواقة في النقل العام (الجماعي، التعليمي، الليموزين) غير ابناء البلد، وان يتم اختيارهم بعد تدريب شامل في فن قيادة المركبات وصيانتها الطارئة، وامور السلامة الاخرى.. ايا كانت الحلول، فيجب ان تصب في الغيرة على تراب هذا الوطن الغالي والمحافظة على جميع من يقيمون عليه من مواطنين ووافدين. لنضع ثقتنا في شبابنا الذين اثبتوا وبما لا يدع مجالا للشك انهم اهل للمسؤولية في العديد من المواقف الصعبة منها على سبيل المثال لا الحصر العمل الرسمي في نقل ضيوف المملكة في المشاعر المقدسة اثناء فترة الحج من خلال المؤسسات الخاصة التي تشرف عليها وزارة الحج، هذه التجربة الصغيرة كتب لها النجاح بفضل من الله وتوفيقه، ثم في الاختيار الصائب للسائقين من (ابناء البلد) او اؤلئك الذين يتحلون بالصبر والابتسامة والخلق الرفيع، وحنكة المعرفة والدراية بالاماكن التي يعملون فيها والتي تنم عن اساليب تربية وتعليم سليمة تلقوها، اضافة الى المظهر العام الخاص بهم ومركباتهم.. ربما يكمن هذا مربط الفرس في الليمو (زينات) التي ننشدها؟