كان المعماري وما يزال ذلك الفنان المبدع والمصمم الذي يسعى جاهدا لتوظيف جميع العوامل والظروف والعناصر للارتقاء ببيئته المحيطة لتناسب جميع متطلبات ورفاهية ذلك المخلوق الذي فضله الله على كثير مما خلق. اما الحلاق فانه يدعى بالمزين او المجمل.. ذلك الذي نجده في صالونات الحلاقة او مراكز التجميل, ونعني به حلاق الشعر ذو المشط والمقص اما عن حلاق النباتات فهو القصاص الذي يحمل المقص في يد والمنشار في اليد الاخرى ويعمل دوما على تشويه منظر النباتات التي فطرت عليه أي شكلها الطبيعي الفطري. ان مهنة عمارة البيئة تدعى في كثير من دول العالم كفرنسا والمانيا وتركيا بمهنة تجميل وصيانة البيئة.
اما عندنا في مجتمعنا فتقتصر عملية التجميل والصيانة (الحلاقة) على القص فقط. فكم من مرة نتعثر بقصاصات الاغصان حتى اصبح جمع قصاصات الاشجار شغلنا الشاغل. لقد نسينا الشكل الطبيعي للشجرة فتارة نراها في قصة (بانك) او في هيئة عمود او كرة او مكعب او مخروط . وفي معظم الاحيان لا تجد الشجرة على الاطلاق فالحلاق زلقت يداه وقصها من الجذر. لقد بح صوت معماري البيئة وجف قلمه وحلقه ونبت على لسانه الشعر من الصراخ دون جدوى (حافظوا على البيئة وخذوا بالحسبان فطرتها) وهذا مايسعى اليه جاهدا في تصميماته.. ولا مجيب.
وفي غالب الاحيان يضرب معماري البيئة على يده, وينحى جانبا, وتصمم بيئتنا من قبل اطراف لا يمتون باية صلة لهذه المهنة في تصميم او حتى صيانة البيئة الفطرية, وبعد ذلك يأتي دور الحلاق.. هذا على صعيد لعب الادوار. اما بالنسبة لصيغة انتقاء واستخدام عناصر تصميم البيئة في وقتنا الراهن, فلقد اضمحلت عناصر البيئة عندنا لتصبح فقط عبارة عن شجرة (كونا كاربس) او عشبا فقط لا غير وكأنهن نبتتان وطنيتان من اين لنا بالكونا كاربس والعشب الاخضر؟ وان كان العنصر هو النبات فقط فان بيئتنا تحتوي على مملكات نباتية لا يتسع هذا المقال لذكر اسمائها. واما بالنسبة لباقي عناصر عمارة البيئة فقد اصبحت الخرسانة والازفلت المادتين القوميتين لرصف ما تبقى من فراغات. ان هذه العناصر الدخيلة على بيئتنا واقليمنا لا تحتاج فقط الى حلاق ولكن الى حفار لنزعها من هذه البيئة.. حيث كثرة استخدامنا لهذه العناصر جعلتنا غرباء في بيئتنا المعاصرة واصبحت بيئتنا هي العنصر الدخيل في محيط هذا الخضم. لذا بالله عليكم دعوا معماري البيئة يقوم بواجبه ووظيفته الوطنية لانه يعمل على تجميل البيئة وتطوير الطبيعي منها مستخدما في ذلك تحليل وتخطيط وتصميم وادارة ومحافظة واعادة تأهيل للارض ذلك التأهيل الذي تتراوح فعالياته وامكانياته ما بين تصميم حدائق السكن وتحسين بيئة الشوارع وارصفتها, وتطوير جميع المناطق العمرانية المفتوحة, لتشمل حدائق الاحياء السكنية.. بل ويصل ذلك الى ادارة الغابات والمناطق الطبيعية البكر.. اضافة لترميم واستصلاح المناطق الطبيعية المستهلكة. فدعوه يعمل.. ويمارس مهنته . @ أستاذ مساعد قسم عمارة البيئة / كلية العمارة والتخطيط