أهلاً بالقادمين إلى دولة شارون.
دولة شرق أوسطية صغيرة، أقيمت عام 2001 على أنقاض إسرائيل القديمة. لقد هبطتم الآن في مطار بن غوريون، الذي يحمل اسم أول رئيس حكومة لإسرائيل، الرجل الذي أرسل ضابط المظليات، أريئيل شارون، للقيام بمهام انتقامية وراء الحدود. هنا سيتم فحصكم جيداً. فإذا تبين أنكم من نشطاء السلام الفرنسيين سيتم طردكم فوراً إلى أوروبا. وإذا تبين أنكم عمال أجانب، فسيتم اعتقالكم، إلا إذا كنتم من عمال المزرعة الخاصة برئيس الحكومة.
شيقل- شارون يساوي أقل من شيقل دولة إسرائيل لعام 2000. الاقتصاد الذي اعتبر أحد أكثر الاقتصادات تطوراً في العالم، في أيام الهدوء التي شهدتها البلاد، يمر الآن في حالة أفول عاجلة. عبر الاذاعة، داخل سيارة الأجرة ستستمعون إلى المقرب من رئيس الحكومة، الذي يقدم برنامجاً إخبارياً. لقد اختفى كثير من المذيعين المستقلين. ستستمعون إلى لقاءات مع وزراء وممثلي جماعات متعصبة وغيبية يتحدثون فيها عن الترانسفير والانتقام. المحللون العسكريون يصفون بتحمس عمليات الاغتيال والاحباط. فالاغتيال بواسطة صواريخ أطلقتها المروحيات أو الوحدات الخاصة، يتم تنفيذه بمصادقة رسمية من الدولة. ويشارك رئيس الحكومة في المصادقة على عمليات الاغتيال، أعضاء المجلس الوزاري المصغر، والمجلس الوزاري المصغر يضم، أيضاً، الحائز على جائزة نوبل للسلام، السيد شمعون بيرس. الحواجز على مداخل المدن قليلة، لكنكم ستجدون حارساً يقف على مدخل كل فندق وكل مقهى وكل مطعم عرفتموه في السابق. إنه الشخص الذي يفحص الحقائب والجسد، وعادة ما يكون مهاجراً جديداً، أبدى استعداده، مقابل أجر بخس وفرشة يأوي إليها، للتضحية بحياته عندما يحاول الانتحاري تفجير المكان. اجلسوا بعيداً عن الباب، ويفضل أن تجلسوا وراء حائط أو عامود. إذا جلستم في الخارج فستلاحظون ازدياد عدد المتسولين بشكل هائل. في المقهى وستجدون الرجال والنساء يقلبون صفحات الجريدة بحثاً عن إعلانات "المطلوبين" للعمل. الكثير من أبناء الطبقة الوسطى، العامود الفقري لدولة إسرائيل القديمة، يواجهون مصاعب اقتصادية تصل الى حد الانهيار. إنهم يحتسون القهوة على حساب ما وفروه في الأيام الجيدة وينتظرون التغيير. عندما تسافرون في دولة شارون، احذروا السفر في الباصات التي كانت تعتبر في الماضي أكثر الوسائل المريحة للسفر ومشاهدة البلاد. ابتعدوا عن القدس، انسوا بيت لحم. إذا استأجرتم سيارة فاحذروا، إذا تعاظم عنف السائقين بسبب تسلل طوابع الوحشية العسكرية إلى المجتمع. يحتمل أن تسمعوا كثيراً عن وسيلة النقل الجديدة المسماة "بولدوزر مصفح". إنها سيارة يمكنها محو حارة بأكملها خلال ساعة، وهي نتاج إختراع محلي استبدل انتاج الرقائق الإلكترونية المتطورة. إذا اصررتم على مشاهدة مباراة كرة قدم، فاحذروا، إذا انتقل رشق الحجارة من ساحات القتل إلى قلب الدولة. احذروا التحدث إلى المحللين. فقد اختفى الانفتاح والتشكك. لقد أخلت روح الدعابة الإسرائيلية مكانها لصالح الورع والأسلوب متدني المستوى. لا تشجبوا علانية قتل المدنيين في الجانب الآخر. اصغوا بصمت إلى المتحدث إليكم وهزوا رؤوسكم علامة على الموافقة على أقواله، فقط. اصغوا إلى التذمر الشديد إزاء وحشية العدو ولا تذكروا مصطلحات مثل الحل السياسي وأخلاق القتال والتحقيقات والسلام أو المفاوضات. سيسهل عليكم جداً إقامة شبكة علاقات رومانسية مستقرة، إذا ركزتم الحديث عن تحالف الشر بين القاعدة وعرفات. إذا صادفتم لقاء مثقفين، اصغوا بأدب إلى مهاترات كتاب البلاط الهامشيين الذين احتلوا مقاعد الكتاب المتشككين في الدولة القديمة.
لدى خروجكم من دولة شارون، لا تعبروا علانية، وانتم في المطار، عن شعوركم بالارتياح. انتظروا حتى تهبط طائراتكم في بلادكم. احتفظوا بآرائكم حول التغيير الدراماتيكي الذي طرأ على الدولة القديمة، وفي رأيكم بشأن عمليات الاغتيال والانتقام والبولدوزرات، للتعبير عنها في لقاءاتكم العائلية. لا تعربوا عن انتقاداتكم كتابة، فقد لا تتمكنوا من العودة إلى دولة شارون. صونوا داخل قلوبكم ذكرى الأصدقاء والأحباب الذين خلفتموهم هناك.
* صحفي ومعلق سياسي
عن ( يديعوت أحرونوت )