مضت فترة كافية على انقضاء فترة التسعينيات التي حملت الرخاء الاقتصادي للبلاد بما يمكننا من البدء في تحديد التحسينات الدائمة التي أدخلتها تلك الحقبة في حياتنا والآمال الضائعة التي خلفتها وراءها. إن أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت في كل مكان بما رفع مستوى الاتصالات بين الأفراد و المؤسسات إلى أفاق لا نهائية ودائمة. علاوة على ذلك فإن إنتاجية الشركات ارتفعت بصورة كبيرة لأول مرة منذ عقد السبعينات ويبدو أيضاً أن بعض المكاسب التي تحققت من هذا الارتفاع سوف تستمر في الفترة القادمة.ولكن الأجور أمر مختلف فالوعود بشأنها قد تبخرت تماماً.لقد كان الجميع يأملون في تضييق الفجوة في الدخول بين الأمريكيين أو وقف تناميها على الأقل.وبالفعل فإنها توقفت لفترة من الزمن. ولكن تلك الفترة القصيرة أظهرت مدى تأصل تلك الفجوة خلال الأعوام العشرين الماضية، حيث لم تعمل إلا تعطيل آثارها المدمرة في ظل ازدهار الاقتصاد. إن الأمريكيين ينظرون في العادة إلى عدم المساواة في الدخول بصفته أمر يتعلق بابتعاد دخول الأغنياء الحقيقيين الذين يحتلون الدرجة التاسعة والتسعين في سلم الأجور سريعاً عن بقية دخول أفراد الشعب الأمريكي. ولكن الفجوة بين الدخول تعد ظاهرة أكثر التصاقاً بكافة طبقات الأمريكيين. وبغض النظر عن المليونيرات فإن الرجال والنساء الذين يحتلون المرتبة الأعلى في سلم الأجور يكسبون 1440 دولاراً في المتوسط كل أسبوع. أما الآن فإن أجورهم بعد تعديلها وفقاً لمعدلات التضخم أخذت في الارتفاع بثبات منذ بداية الثمانينيات بينما أجور الذين يحتلون المرتبة الوسطى والسفلى من نفس السلم توقفت عن النمو أو عمل التضخم على تآكلها. لقد تم كسر هذا النمط في عام 1996م حتى غالبية عام 1999م، حيث كانت أجور الطبقات الثلاثة ترتفع بنفس المعدلات. ولكن فجأة في الشهور الأخيرة من عام 1999م، أخذت أجور الأفراد في المرتبة العليا في الارتفاع بصورة منفردة مرة أخرى. ويرجع بعض الخبراء تنامي الفجوة في الأجور إلى زيادة الطلب على العمالة الماهرة من الحاصلين على الدرجات الجامعية علاوة على تضاءل القوة التفاوضية لاتحادات العمال المدافعة عن الموظفين في المرتبة الوسطى والسفلى من سلم الأجور الأمر الذي حد من أي زيادة في دخولهم.