انتهت الانتعاشة التي شهدها سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عامين. ولكن يبدو أن المزاج أو الحالة النفسية التي صاحبت حالات الانتعاشة تلك تنحل وتتداعى بسرعة بالغة. ان فضيحة المحاسبة بشركة وورلد كوم الأمريكية أصابت في مقتل واحدة من بين المسلمات في سوق الأوراق المالية المنتعشة، ألا وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية هي درة البورصات العالمية، باقتصادها فائق الديناميكية وشركاتها ذات القدرات العالية على الابتكار، والتي تطبق أكثر القواعد المحاسبية انضباطاً. إن المستثمرين الأجانب كانوا يمولون برضا بالغ العجز الكبير في الميزان التجاري، طمعاً منهم في الحصول على نصيب من كعكة الاقتصاد الأمريكي المزدهر. ولكنهم الآن يشعرون بأنهم الخاسرون في لعبة لا يستفيد منها غير أصحابها. من ناحية أخرى إن استمرار حالة فقدان الثقة في الأسهم الأمريكية قد يكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد الأمريكي. إن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج أكثر من بليون دولار يومياً لسد عجز الميزان التجاري. لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقترض الأموال من الخارج، إيمانا منها بأنها قادرة على استمرار رأس المال بعائد مرتفع جداً. وفى حالة إحجام المستثمرين الأجانب عن شراء الأسهم الأمريكية بأسعارها الحالية فإن احتمال من 3 قد يحدث. إما أن تخفض الولايات المتحدة الأمريكية ما تنفقه على وارداتها بنسبة كبيرة، بما قد يؤثر على التجارة العالمية، أو يضطر بنك الاحتياط الفيدرالي إلى رفع معدلات الفائدة، لجذب الودائع الأجنبية، بما قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، أو يتراجع سعر الدولار، بصورة تكفي لاستعادة أسعار الأسهم الأمريكية لجاذبيتها، بما قد يتسبب في ضغوط انكماشية على أوروبا واسيا. ولكن قد لا تسوء الأمور إلى هذا الحد، ويستمر الاقتصاد العالمي في الانتعاش حتى تستعيد أسعار أسهم الشركات الأمريكية عافيتها بالكامل.