الدكتور صلاح فضل من كبار النقاد في العالم العربي، وله اسهاماته العديدة التي تجعله من ابرز المثقفين على الساحة العربية، تخرج في كلية دار العلوم وعمل معيداً بها عام 1962، وحصل على دكتوراه الدولة من جامعة مدريد باسبانيا عام 1971، وتنقل في التدريس بجامعات القاهرة والازهر ثم استقر في جامعة عين شمس، وشغل منصب المستشار الثقافي لمصر في اسبانيا ومدير المعهد المصري للدراسات الاسلامية لمدة خمس سنوات حتى عام 1985، وعمل عميداً للمعهد العالي للنقد الفني باكاديمية الفنون بمصر، ورئيساً لقسم اللغة العربية بكلية الاداب، جامعة عين شمس، واشترك في تأسيس مجلة "فصول" وعمل نائباً لرئيس تحريرها، ومن مؤلفاته: نظرية البنائية في النقد الادبي، منهج الواقعية في الابداع الادبي، تأثير الثقافة الاسلامية في الكوميديا الالهية لدانتي، علم الاسلوب: مبادئه واجراءاته، انتاج الدلالة الادبية، بلاغة الخطاب وعلم النص. واخر مؤلفاته هو "تحولات الشعرية العربية" الذي صدر ضمن سلسلة مكتبة الاسرة بالهيئة المصرية العامة للكتاب. وقد اجرينا مع الناقد الكبير هذا الحوار:
@ ذكرت في كتابك "تحولات الشعرية العربية" ان القرن العشرين شهد اربع ثورات شعرية متتالية في مسافة قصيرة تاريخياً.. هل السبب هو الانفتاح على التيارات الغربية؟
- اظن ان هذا هو احد الاسباب الجوهرية، وهناك سبب اخر، وهو انه كان قد مضى عهد طويل من الركود والخمول الذي اصاب الحركة الابداعية في الشعر وفي النثر - ايضاً - عبر عدة قرون، فكان اخر المبدعين العظماء في الثقافة العربية ابا العلاء المعري، وجاء بعده مبدعون اقل قامة، لكن الفترة العثمانية - وقد امتدت عدة قرون - شهدت ركوداً شديداً، وجاء القرن التاسع عشر ليحرك الساكن ويبعث الخامد وتدب اوصال النشاط في الجسد العربي والثقافة العربية، واحتاج ذلك بعض الوقت حتى تصل هذه الحركة الى مجال الشعر بثورة البارودي التي اقترنت بالثورة العرابية، لان البارودي كان رب السيف والقلم، وكانت ثورته المتمثلة في موقفه الوطني وحميته العسكرية متسقة تماماً مع حركة الاحياء التي قادها وخرج بها على نمط الشعر العثماني التقليدي الخامد ليعيد الشعر الى نضارته الاولى وفترة الفحول من مبدعيه الكبار. جاء بعد ذلك شوقي والزهاوي والرصافي ومطران وعدد اخر من كبار المبدعين العرب لكي تكتمل هذه الثورة الاحيائية، لكن لم تكن لهم طموحات تتطلب التغيير الجذري في مفهوم الشعر، فجاءت مدارس الديوان وأبوللو والمهجر لتقوم بهذا التنوير الثاني في العشرينات من القرن العشرين، واستمرت تؤدي دورها مع انتظام المدرسة السابقة بطبيعة الحال حتى منتصف القرن. وعندئذ ومع بزوغ الفجر القومي، ونشأة حركات الاستقلال، وعمق الاتصال بالثقافة الغربية، كان العمود الشعري قد اخذ يهتز ونشر كتاب المهجر والرومانسيون على وجه التحديد من شعراء ابوللو صيغ المقطوعات والمخمسات وغير ذلك، ومهدوا الطريق جيداً لتأتي حركة الشعر الحر او ما كان يسمى بشعر التفعيلة، وبقية القصة معروفة، لانه لم تلبث حركة هز جزء من العمود الشعري ان شملت بقية الاجزاء، وجاءت مجلة "شعر" وقصيدة النثر في منتصف الستينيات، لكنها استشرت بعد ذلك في العقود التالية من القرن العشرين حتى اصبحت نفسها الان كأنها الوريث الوحيد للشعرية العربية بكامل اتجاهاتها. هذه الثورات الثلاث التي شملت التجربة الشعرية وفلسفتها وموقف الشاعر من الوجود والحياة والصيغ والاشكال التعبيرية والبنية الموسيقية اتسقت ايضاً وتناغمت مع ثورة اخرى متصلة بالوظيفة الجمالية للشعر، لان وسائل الاعلام تولت عن الشعر تغطية الحياة العامة، اذ نشأت الصحف والاذاعات، وبعد ذلك التليفزيون ووسائل الاعلام المختلفة، مما اعفى الشعر من الوظيفة الاعلامية، وجعل دوره ينحصر فيما اسميه وظيفة ابتكار اللغة او خلقها والوظائف الجمالية والتخيلية الجوهرية المرتبطة بصلب الشعرية، ومن هنا نجد ان الاتصال بالغرب كان وسيلة او اداة او سبباً من هذه الاسباب، لكنه لم يكن السبب الرئيسي والمركزي، لان تطور المجتمع العربي وحركيته وتسارع ايقاع مضيه في طريق التقدم الحضاري يعتبر السبب الرئيسي في تقديري.
التعليم والإعلام
@ يتوقف واضعو المناهج التعليمية والاعلاميون عند منتصف القرن العشرين بالنسبة للحركة الشعرية العربية.. هل يرجع هذا الى عدم اقتناعهم بالتطور الذي حدث في السنوات التالية لهذه الفترة؟
- بطبيعة الحال الانسان عدو ما يجهل، فالاساتذة لم يطلعوا بمتابعة دقيقة على الانتاج الشعري والنقدي والفكري الذي جد بعد تخرجهم، لانهم لا يتابعون بدقة كافية، وعندما يمارسون دورهم التربوي في المدارس والمؤسسات التعليمية، او دورهم الاعلامي، يصبحون محكومين بأفقهم ووعيهم وما درسوه في شبابهم، ولسوء الحظ فان لجان التطوير كان يغلب عليها النزوع التقليدي المحافظ الى حد كبير، واذكر انني اشتركت في احدى هذه اللجان في الثمانينيات، وكنت ارى من وجهة مناهج التحليل النقدي ان المنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي اديا دورهما، وانه لا بد من الافادة من المناهج الحديثة في اختيار النصوص وتحليلها، لكن الاصوات الغالبة كانت ضد هذا التيار بحجة ان هذه المناهج الجديدة عسيرة الفهم وصعبة ولن يتاح للاساتذة ان يستوعبوها ولا ان يطبقوها بكفاءة غالبة، وبدلاً من ان نشرع في اعداد هؤلاء الاساتذة وتثقيفهم وتدريبهم بالتقنيات والادوات الحديثة والمناهج التي يستصعبونها في البداية، اثروا السلامة والابقاء على الوضع كما هو عليه، مع ادخال بعض القصائد التي تنتمي الى حد ما الى الفترة اللاحقة على الفترة الاحيائية. هذا ما حدث في مصر، ولست على يقين تفصيلي بما حدث في بقية اقطار العالم العربي، لكنني احسب - أيضاً - ان الطابع المحافظ ما زال هو الذي يسيطر على اختيار النصوص ومناهج تحليلها، واكثر من ذلك انني المح احياناً ان هناك طابعاً اخر اقليمياً اخذ يسيطر على مناهج التعليم في بعض الاقطار العربية، بالتركيز على التيارات المحلية والاسماء الوطنية بغض النظر عن قيمة انتشارها واهميتها واضافتها الحقيقية للابداع العربي، الامر الذي يمثل خطراً اكثر من التقليدية، لانه يجرنا الى تفتيت الادب العربي الى نزعات اقليمية محلية محدودة، وما زلت ارى ان العاملين على تطوير المناهج التربوية والعاملين في المجال الادبي بحاجة الى ان يتسموا بكثير من الشجاعة والجرأة وان يغامروا بالاطلاع على ما لا يروقهم وما لم يتعودوا عليه، وهم بحاجة الى ان ندفعهم دفعاً لان يؤدوا رسالتهم في الا يكونوا حائلاً بين الاجيال الجديدة والتعرف على هذه التيارات المحدثة التي تنمي الفكر الشعري والمعرفة النقدية في ان واحد.
الشعراء الشباب
@ من آرائك ان بعض النصوص الشعرية الاخيرة تبدو كأنها ترجمات ركيكة لاشعار قادمة من قارات اخرى وثقافات مضادة.. هل يعود هذا الى عدم اطلاع الشعراء الشباب على دواوين الشعر العربي واقتصارهم على الاشعار المترجمة؟
- اظن ان هذا البلاء سبب جلي لانصراف كثير من القراء اليوم عن النصوص الشعرية الحداثية، لان الحداثة - في تقديري - لا تعني الانقطاع عن التراث، وما زلت اعتقد ان المنطلق الاساسي للشاعر ان يستوعب تراث امته وتراث العالم، وانه ما لم يحفظ عدة الاف من قصائد الشعر المتقنة الجيدة في كل العصور ويمتلك هياكل تركيبها وانماط ايقاعها وموسيقاها واشكال تخيلاتها وصورها وبناها الكلية - ما لم يفعل ذلك فان قدرته على كتابة الشعر تظل محدودة متلعثمة ركيكة مهما يدعي انه قرأ في الواقع الابداعي الغربي، وانا اتهم كثيراً من اجيال الشباب بأنه يبدو من كتابتهم الجفاف الشديد، حيث لا يتراءى لنا بين سطورهم ترقرق ماء الشعر العربي العذب في ابياتهم وقصائدهم، والذي لا اشتم في كتابة رائحة الاسلاف ولا اتنسم في عطره عبق الاقدمين، لا يستطيع ان يحرك الكامن العميق من مشاعري ووجداني، ولا ان يبحر بي الى افاق طليعية محدثة. الحداثي يصبح اكثر تجذراً وتأثيراً في الاخرين بقدر ابتلاعه لكل التراث القديم وتمثله له وانطلاقه منه، فالقطيعة لا تعني الجهل كما يتمثل بعض الشباب الذين لا يملكون ادواتهم جيداً، لكن تعني الوصول الى درجة التشبع ثم الانقطاع بعدها لبدء شيء جديد، لان هذه الدرجة من التشبع سوف تشف عنها كتاباتهم في بناها العميقة التي تستمد دائماً نسقها مما قيل قبلها.
الحداثة حداثات
@ بمناسبة الحديث عن الحداثة.. ذكر د. عبد العزيز حمودة في كتابيه "المرايا المحدبة" و "المرايا المقعرة" انه لا توجد حداثة واحدة، وانما عدة حداثات في مناطق مختلفة من العالم، وانها جميعاً لا تناسب البيئة العربية.. ما رأيك؟
- بغض النظر عما يقوله الصديق الدكتور عبد العزيز حمودة، فأنا لدي قناعة كاملة بأن الحداثة العالمية حداثات، وهذا بديهي ومعروف، كما ان الحداثة العربية حداثات ايضاً، وليست تياراً واحداً، وبنفس الطريقة التي اصابت بها الحداثات العالمية شرعيتها وجديتها وعمقها، فان كثيراً من تيارات الحداثة العربية الحقيقية تثبت شرعيتها وجديتها، اما ان نعامل الحداثات العالمية بمعيار، والعربية بمعيار اخر ونعتبرها تقليداً لها، فهذا سوء فهم وقراءة لحركة التطور العربي، واقل تصفحا لتاريخ الشعر العربي يجعلنا نجد ان تيارات الحداثة فيه بدأت بشعر مسلم بن الوليد وابي تمام واصحاب البديع ممن كان يطلق عليهم "المحدثون" وجاء المتنبي ليقدم حداثة جديدة، وجاء المعري ليقدم حداثات اخرى، وجاء الشعر الاندلسي ليقدم شكله في التجديد والتطوير، ولو استبدلنا كلمة "الجديد" "بالحداثة" أو "الجدة" "بالحداثة" لكنا اكثر ميلاً للاتفاق، لان حركات التجديد لا تنقطع في الشعرية العربية ولا الشعريات العالمية، لانها منطق التطور والحياة والنمو والازدهار، وبالتالي لا ينبغي الا نتخذ موقفاً عدائياً منها، او رافضاً لها، لان الذائقة العامة هي الحكم في نهاية الامر، وهي التي تقضي بأنه اذا كانت استجابة لتطور طبيعي، ام انها مفتعلة سرعان ما يتم نسيانها. انا اؤمن بناقد اعظم هو التاريخ وبحس وذوق عام، هما اللذان يجعلان ما ينفع الناس علمياً وجمالياً وفنياً يمكث في الارض، وما عدا ذلك يذهب في ذمة التاريخ.
نشر الشعر
@ لماذا تراجع نشر الشعر في الصحف، بعد ان كانت القصائد قديماً تتصدر الصفحات الاولى؟
- يرجع هذا الى ان الشعر في الفترات السابقة كان هو الذي يقوم بالدعاية السياسية والاعلام الوطني والتعبير عن المشاعر الدينية، وتقدمت وسائل الاعلام المقروءة والمرئية لتؤدي هذه الوظيفة، وترفع الشعراء من ان يروجوا للرؤساء او يمدحوا الملوك او يهدروا طاقاتهم في الحديث عن القضايا والمشاكل اليومية، فالصحفيون والاعلاميون والمحطات الفضائية يقومون بهذه الوظيفة الان بكفاءة اعلى وفاعلية اشد، وبالتالي خلص الشعر الى طابعه الابداعي ووظائفه الجمالية، ولم يكن من الطبيعي ان يظل مع ذلك منافساً للاحداث السياسية الساخنة وللتغيرات الاجتماعية والاقتصادية اللاهبة، وان يظل محتلاً للصفحة الاولى، لان الناس لم تعد تأكل الشعر كما تأكل السياسة.
المسرح الشعري
@ ولماذا تراجع المسرح الشعري؟
- المسرح الشعري - في تقديري - لم يتقدم حتى يتراجع، وانما تم استزراعه في الثقافة العربية بعسر شديد، بدأه شوقي كما هو معروف، واستمر على دربه عزيز اباظة، وجاء بعده عبد الرحمن الشرقاوي، ثم وصل الى ذروة نضجه عند صلاح عبد الصبور. لدينا شعراء يكتبون المسرح الان مثل فاروق جويدة وغيره من الشعراء، لكن المسرح صعب وعسير جداً، وكتابته ليست مثل كتابة القصائد الغنائية المفردة، ويتطلب موهبة مركبة: شعرية ودرامية، ولا تجود الثقافة العربية بعشرات ممن يملكون هذه الموهبة كل عام، لذلك اظن ان المسرح الشعري اصبح له تراث في الادب العربي خلال القرن العشرين بعد ان كان الادب خالياً تماماً منه عبر القرون الماضية، وعندما نجد الشعراء الان يتجهون اليه فاننا يجب ان نحفزهم ونشجعهم على ذلك، وانا شخصياً احتفي بكتابات المسرح الشعري اكثر مما احتفي بالدواوين، لانني اؤمن بأن المستقبل الشعري سيزدهر الى حد كبير بازدهار الدراما الشعرية الى جانب القصائد الغنائية وليس بديلاً عنها.
الفصحى والغناء
@ غناء بعض النجوم مثل كاظم الساهر وماجدة الرومي بقصائد من الفصحى هل يعيد الى القصيدة العربية مجدها ويشجع اخرين على المضي في هذا الطريق؟
- اظن ان هذا التيار يعيد الى المستمع العربي مجده، وليس الى القصيدة فحسب، لان الشعر ولد مع الغناء، اعظم موسوعة في الشعر العربي هي كتاب (الاغاني).. وقد شهدت فترة النهضة انتشار الشعراء عبر الحناجر الذهبية للمطربين. لنتذكر مجموعة القصائد الجميلة الرائعة التي شدت بها كوكب الشرق ام كلثوم، والقصائد التي شدا بها عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة، وما يفعله كاظم الساهر وماجدة الرومي استمرارا في هذا التقليد الجميل الذي سبقت به أيضاً في الشام فيروز. واعتقد ان استمرار هذا التيار هو الذي يوسع افاق تلقي الشعراء ويزيد من تعداد المستمعين اليه، حيث يعدون بالملايين، لان أي ديوان - باستثناءات قليلة - يوزع عدة الاف، وليس لدينا سوى شاعرين او ثلاثة يرتفع توزيعهم الى مئات الالاف، او يصل الى عدة ملايين، اما بقية الشعراء فيعانون ضيق مجال تلقيهم وقلة عدد قرائهم. الغناء يضم الى النسيج اللغوي والموسيقى الابداعي للقصيدة هذا الشدو العذب الجميل واللحن الرائق المبدع والاداء الفائق الذي يفتح للشعر طرائق في قلوب كل الناس، ويجعله غذاء يومياً لعامة البشر من مختلف الاعمار والاوساط، واظن ان هذه رسالة جميلة تسد حاجة الناس اليومية الى الشعر، كما تعوض افتقاد الناس الى الوقت للقراءة او الجهد للاطلاع.
الرواية ديوان العرب
@ هل تتفق مع مقولة ان الراوية ديوان العرب المعاصر؟
- ارى انه ليس هناك ديوان واحد، وان الديوان الذي كان يتصدر فيه الشعر ما زال مفتوحاً وسامقاً وعامراً، لان الشعراء يعيشون اجيالاً طويلة وسنوات قليلة. لم يمت شاعر عظيم حتى اليوم حتى يخلو الديوان من كبار الشعراء، لكن انشئت الى جانبه دواوين موازية، منها ديوان الرواية والقصة، وديوان الصورة، حيث الفنون التي تعتمد على الصورة المتحركة مثل السينما والتليفزيون، ومنها دواوين اخرى رقمية ومعلوماتية يفتتحها الكمبيوتر والانترنت، وهي دواوين تقدم ثقافة موازية ومغايرة ومحققة لكثير من الوظائف الشعرية والادبية، لذلك لا اجد أي مبرر لحصر عدد الدواوين في ديوان واحد واللجوء الى ان صعود شيء لا بد ان يكون على حساب موت شيء اخر، فمثل هذا المنطق التبادلي لا اعترف به بقدر ما اؤمن بضرورة تعدد الروافد والمنافذ والابداعات، لان كلا منها يشبع شيئاً لا يحل محله امر اخر لاشباعه.
قصيدة النثر
@ هل تمثل قصيدة النثر تجديداً في الشعر العربي ام كارثة عليه؟
قصيدة النثر في حد ذاتها تجديد تطليعي جريء وشجاع وجميل جداً، لكن اعتبارها الوريث الوحيد للشعرية العربية، والتيار الذي ينفرد بالساحة والشكل المطلق الذي ينبغي الا يكتب احد الا به، هذا هو الكارثة، لانها في كل الشعريات العالمية والثقافات الحية تمثل رافداً من روافد الشعرية لا يحل محل التيارات الشعرية الموسيقية والكلاسيكية والرومانسية وغيرها، وبالتالي فأنا مع قصيدة النثر الى اخر المدى في تجريبيتها وطليعيتها وقدرتها على المخالفة والاحتقاق والتطلع الى الجديد، لكنني ارى انها عندما تسد كل الافق وتجذب كل الكتاب، لانها ايسر وابسط، فانها بذلك تصبح كارثة بالفعل.