تجهم بوريس بيكر وعبس وجهه في قاعة المحكمة يوم الخميس الماضي عندما تلت القاضية منطوق الحكم بمعاقبة أعظم نجم رياضي على الاطلاق في تاريخ ألمانيا بالسجن لمدة عامين ودفع غرامة مالية ضخمة بتهمة التهرب من دفع ضرائب مستحقة عليه. إلا أن بيكر ظل يترقب ما ستنطق به القاضية بعد ذلك، لعل وعسى يكون فيه الفرج. وواصلت هوبرتا كنورينجر رئيسة القضاة في محاكمة بيكر النطق بالحكم معلنة: سيتم تعليق عقوبة الحبس أو مع وقف التفيذ. وهنا ومضت إشارة ارتياح صغيرة بالانتصار على وجه بيكر الذي رنا بنظره إلى السماء وكأنه يشكر الله. إنها نظرة شكر وامتنان للسماء يتذكرها دائما ملايين من عشاق فن بيكر في التنس عندما كان هذا النجم الالماني يرنو ببصره إلى السماء بعد كل مرة كان يفوز فيها بنقطة حاسمة في المباريات الملحمية التي كان يخوضها قبل اعتزاله اللعب. ويشعر بيكر، بعد تحقيق في قضيته استمر ست سنوات، بالسعادة بعد إخلاء ساحته، رغم أنه خسر الكثير من أمواله. وكان قد سدد 3.1 مليون يورو (ثلاثة ملايين دولار) في صورة مستحقات ضرائبية وفوائدها، وذلك قبل بدء المحاكمة. كما أنه دفع غرامة قيمتها 300 ألف يورو وأمر بدفع تبرع بقيمة 200 ألف يورو لاحد الجهات الخيرية. لقد ولت أيام المجد بالنسبة لبيكر "34 عاما"، لكن أفراد مجموعة كبيرة من عشاقه الذين انتظروا في فناء محكمة ميونيخ قفزوا من الفرحة وأطلقوا العنان للتصفيق عندما نطق القاضي بالحكم. من جانبه قال بيكر هذا أعظم نصر أحققه في حياتي على الاطلاق. وبينما كانت تحذره القاضية كنورينجر قائلة لاأريد أن أسمع بعد الان أنك ارتكبت مخالفة ضريبية أخرى، أنفجر بيكر ضاحكا.
وأضاف بيكر في بيان صحفي عقب الاعلان عن منطوق الحكم أنا حر. هذا هو أهم شيء .. أنا سعيد وأتنفس حاليا الصعداء بسبب غلق هذه الصفحة نهائيا. وسيتعين على بيكر الانتظار قرابة أسبوع آخر حتى تكتمل حريته نظرا لان الادعاء أمامه أسبوع واحد للاستئناف. وكان الادعاء قد طالب هيئة قضاة المحكمة بمعاقبة بيكر بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة ليكون عبرة لغيره. إلا أن محامو بيكر يقولون إن قضاة محكمة الاستئناف لن يتدخلوا في هذه القضية على الارجح. وأكدت القاضية كنروينجر إنها لم تواجه أي صعوبة في نظر قضية بيكر وهي السابقة الاولى له نظرا لان مسألة تهربه من دفع الضرائب المستحقة عليه مرت عليها فترة طويلة، فضلا عن اعترافه على نفسه في المحكمة بارتكاب المخالفة، مما وفر علي المحكمة عناء الخوض في محاكمة مطولة ومعقدة. وكان بيكر قد نقل محل إقامته الدائم وبالتالي سجله الضريبي من ألمانيا إلى إمارة موناكو في تشرين الثاني "نوفمبر" 1984 قبل ثمانية شهور فقط من بزوغ نجوميته على مسرح التنس العالمي للمرة الاولى في تاريخه وتغلبه على كفين كارين في المباراة النهائية من بطولة ويمبلدون العريقة للتنس والتي حصد لقبها ثلاث مرات. يذكر أن موناكو تقدم تخفيضات وإعفاءات ضريبية كبيرة للنجوم والمشاهير المقيمين بها. كان بيكر في ذلك العام - 1984 - حيث كان قد بلغ السابعة عشرة من عمره أصغر فائز ببطولة ويمبلدون سنا على الاطلاق وأول لاعب غير مرشح يفوز بها في ذلك العام. ولم يمض وقت طويل حتى دخل بيكر في زمرة المشاهير من نجوم رياضة التنس وبحلول كانون الثاني "يناير" 1991 أصبح النجم الالماني ضمن قائمة أفضل عشرة لاعبي تنس في العالم.
وفي ذلك العام بدأ المليونير الرياضي الشاب في عدم الاهتمام بعواقب تهربه الضريبي واكتفى بالتظاهر بأنه يستأجر شقة في ميونيخ مع والديه باعتبارهما المستأجرين القانونيين لها طيلة الفترة التي ظل فيها بدون زواج. وفي كانون الاول "ديسمبر"1994 تزوج بيكر من برباره فيلتوس وسرعان ما تخلى عن التظاهر بأنه يقيم خارج ألمانيا وبدأ في دفع الضرائب المستحقة عليه للخزانة الالمانية. إلا أن سلطات الضرائب رأت أن بيكر تهرب من دفع ضرائب لمدة ثلاث سنوات على الاقل ولذلك بدأت تحقيقا. واتفقت القاضية مع رأي سلطات ضرائب الالمانية على أن بيكر ربما أمضى معظم سنوات مجده كنجم تنس عالمي في الاقامة في فنادق، لكن لاهداف تتعلق بالتهرب من دفع الضرائب المستحقة عليه وليس لانه شخص مشرد لا مأوى له. فمقر سكنه في ميونيخ. وبعيدا عن المحكمة، ظل بيكر بمثابة طفل مثير للمشاكل طيلة السنوات التي أعقبت فوزه بآخر بطولة تنس كبرى في حياته في كانون الاول "ديسمبر" 1996. وأنفق بيكر ملايين من الاموال التي كسبها من وراء التنس على مشروعات تجارية، لكنه حقق نجاحا محدودا. ولا يزال بيكر يظهر في إعلانات تجارية بالتليفزيون الالماني حيث يظهر في أحدهم وهو يمثل دور مراهق أبله يكتشف عنوان بريد إلكتروني أو عبارات لامعنى لها على سياراته. غير أن نمط أو أسلوب الحياة سيئة السمعة التي يحياها بيكر ألحقت ضررا هائلا بصورته بالكامل. فقد سخر الالمان من محاولاته الرامية لنفي أبوته لطفل من عارضة أزياء لندنية ومنذ طلاقه في "يناير" 2001، أصبح بيكر يواعد كثيرا من النساء، لكنه يصر على أنه لا يتطلع لاي علاقة تدوم لفترة طويلة.