لا يزال بعض خطباء الجوامع يتناولون في خطبة الجمعة موضوعات مكررة يعيدون الحديث عنها مرارا وتكرارا دون ان يلتفتوا الى ما يجري حولهم من احداث ودون ان يستفيدوا من قدرة الشريعة الاسلامية على استيعاب المستجدات وما في هذه الشريعة الغراء من دعوة صريحة للعلم وحث على طلبه وتسخيره لخدمة البشرية وما في هذا الدين الحنيف من معاني الخير والسلام والمحبة التي تضمن امن العالم واستقراره.
وهذا لا يعني ان كل خطباء الجوامع على هذه الشاكلة فهناك من يحرص على معايشة الاحداث والتنبيه الى ايجابياتها او التحذير من سلبياتها والاستفادة من هذا التجمع الكبير للمسلمين في يوم الجمعة لاعطائهم جرعات مكثفة عن اخلاقيات الاسلام وحرصه على تنشئة الاجيال على حب الخير والفضيلة والابتعاد عن العنف والرذيلة وتحصين الصغار ضد الامراض الاخلاقية الوافدة وتعويد الكبار على تربية انفسهم اولا تربية اسلامية سامية ليكونوا بعد ذلك قدوة حسنة لابنائهم وبناتهم فما يمارسه المسلمون من سلوكيات في حياتهم العامة يدعو الى الرثاء وخطبة الجمعة تملك كل مقومات التأثير على الناس الذين يأتون الى صلاة الجمعة ونفوسهم مفعمة بالايمان وقابلة للتأثر بكل ما يقال عن مظاهره وعلاماته. وخطبة الجمعة اشد تأثيرا من غيرها على عقول وقلوب المسلمين الذي يجدون في خطيب الجامع مثالا وقدوة فيصغون اليه بكل جوارحهم ويتناقلون اقواله في مجالسهم اما اذا كان كلامه معادا ومكررا فانهم يتركونه ويذهبون لاداء صلاة الجمعة في جامع آخر يشتهر امامه وخطيبه بحسن اختيار موضوعاته وحسن عرضها بلغة تخاطب العقول بحكمة ومرونة وتصل الى القلوب بيسر وسهولة دون تشنج وصراخ وعويل وغير ذلك مما تمليه احادية الموقف دون اي اعتبار للآخرين.
لقد تحدث الكثيرون وكتب الكثيرون عن موضوع خطبة الجمعة ووجوب استغلالها فيما يخدم قضايا المسلمين وعلاقتهم بالعالم واستفادتهم من منجزات العصر لكن بعض الخطباء مازالوا يصرون على ترديد نفس الكلام عن قضايا اما مسلم بها ولا تحتاج الى التكرار المستمر، او مستهلكة ولا تفيد من يستمع اليها وهذا هو سبب انصراف بعض المصلين الى جامع آخر وخطيب آخر لا يعيش بمعزل عن العالم ومشكلاته واشكالاته.