تتعرض المملكة هذه الايام لحملات اعلامية "ظالمة" اتخدت اعمدة بعض كبريات الصحف الغربية، وبالذات الامريكية منها ساحة لها. ويبقى السؤال تحديدا هنا هو: هل هذه الحملة هي بالأمر الجديد؟
سؤال لا أخال الاجابة عنه بالامر الذي يستعصي على اي متابع "يقظ" للدور الضاغط للوبي الصهيوني والذي بلغ في تأثيره قوة لم يبلغها من قبل من جهة، والتحركات السعودية على الساحتين الدولية، والاقليمية هذه الايام من جهة اخرى وبالذات اذا ما اخذنا بعين الاعتبار كم المتغيرات، والمستجدات التي ادخلت العالم في نفق يعلم الله وحده عمقه وطوله على انه يجب ان انوه هنا الى انني لا اتعمد "الزج" بدور اللوبي الصهيوني لمجرد البحث عن "كبش فداء" بقدر ما اقرر حقيقة لا يتجاهلها سوى متغافل.
عموما، اذا كانت الاجابة عن السؤال اعلاه "ايجابا" بمعنى ان ما تتعرض له المملكة هو "امر جديد" فان مجموعة من اسئلة لا بد وان تفرض نفسها لعل من اهمها: لماذا كانت هذه الحملة ابتداء؟ وما اهداف القائمين عليها؟ ولمصلحة من؟
اما اذا كانت الاجابة "نفيا" ولا احسبه الا كذلك، فان الاسئلة السابقة عن اسبابها واهداف القائمين عليها، وصاحب المصلحة من ورائها لابد وان تعيد طرح نفسها مرة اخرى، اضافة الى سؤال آخر مهم فحواه: ما الجديد بها هذه المرة؟
دعوني اقفز هنا للاجابة عن التساؤل الاخير قائلا: ان "لا جديد البته" وبالتالي فكل ما نقرأ، او نسمع عن فصول هذه الحملة ليس سوى اعادة طرح اسطوانه ركيكة، مشروخة مللنا من سماعها تسمى "الارهاب" على انني يجب ان استدرك هنا لاقول ان هذه الحملة قد اخذت اسلوبا "متطرفا" في الطرح.
.. ان المتابع لابد وان يصاب بحالة من "الرثاء" و"الشفقة" على ما وصل اليه حال كتاب كـ "ريتش لوري" او "رود درهر" وهما بالمناسبة من اشهر كتاب مجلة ناشيونال ريفيو (Nationol Revew) التي تعد واحدة من اكبر المجلات الامريكية المعبرة عن صوت الاتجاه السياسي المحافظ، ومحاولاتهما ليس الصاق تهمة الارهاب بالمملكة فحسب، انما التحريض عليها بأسلوب بلغ مبلغا يجسد كم الحقد الذي ملأ افئدة هؤلاء الكتاب ومن سار على دربهم على كل ما يمت الى الاسلام بصلة والتي تمثل المملكة بمكانتها وتاريخها وقدسية اراضيها الرمز الحاضر دوما له.
اما لماذا هذه الحملة؟ فالخطوط العريضة للاجابة عن هذا السؤال تكمن في الدور السعودي النشط تجاه "القضية الفلسطينية" تاريخيا والمتمثل اخيرا في "مبادرتها" التي اصبحت "عربية" من خلال اعلان بيروت، والتي حظيت منذ انطلاقتها بدعم عربي ودولي لم يسبق لمبادرة اخرى ان حظيت به بدءا بمبادرة روجرز عام 1967م مرورا بكامب ديفيد، ومدريد، واوسلو، والواي بلانتيشن، وانتهاء بمبادرات ميتشل وتينت.. وغيرها.
ان المبادرة السعودية قد لفت دون شك "قيدا محكما" حول العنق الاسرائيلي جعلت من كاتب مثل "ان فوكس" يدور حول نفسه كثيرا وهو يحاول المراهنة على نجاح المشروع الشاروني المتمثل في انتهاج ابشع صور "ارهاب الدولة" في التعامل مع مواطنين عزل.
ففي آخر اعداد مجلة فورن بولسي Foreign Policy تطوع الكاتب اياه بتسويق "سمج" للسياسة الشارونية حيث يقول ما نصه: "هناك اجماع واسع في اوساط السياسة الامريكية الجمهورية والديمقراطية على ان اسرائيل قد عززت المصالح الامريكية في الشرق الاوسط وخارجه فقد نجحت ـ على حد زعم الكاتب ـ في منع انتصار الحركات الوطنية في لبنان، والاردن، وسوريا وفلسطين كما ابقت سوريا التي كانت متحالفة ولسنوات طويلة مع الاتحاد السوفيتي تحت المراقبة، ووفرت ميدانيا لاختبار الاسلحة الامريكية في معظم الاحايين. ويستطرد الكاتب في تعديد مجموعة الادوار التي لعبتها اسرائل خدمة للمصالح الامريكية قائلا لقد قامت بدور قناة لتسريب الاسلحة الامريكية الى انظمة وحركات مكروهة في الولايات المتحدة ويتعذر تقديم العون العسكري المباشر لها مثل حكومة التمييز العنصري في جنوب افريقيا "سابقا" والمجلس العسكري في غواتيمالا وحركة الكونترا في نيكاراجوا.. الخ وانني هنا استميح قارئي العزيز عذرا لانني لن اتطرق لتفنيد هذه "الادعاءات" لا لشيء سوى ان حجم المغالطات التي حوتها تلك العبارات لا تحتاج الى كثير من بيان ناهيك عن ان كل معلومة منها تحتاج الى مقال منفرد لها كما انني لا اريد ان اظهر بمظهر "العزول" بين حبيب ومحبوبته فللناس فيما يعشقون مذاهب.
واعود مرة اخرى للسؤال الكبير.. الكبير الذي عنونت به مقالتي هذه لماذا المملكة؟ هذا ما اعد بالعودة اليه في لقائنا القادم باذن الله. على انني اؤكد هنا ان هذه الحملات ذات الاهداف الواضحة في ذهنية كل سعودي طفلا كان ام كهلا لن تزيده سوى مزيد من اللحمة والتماسك والايمان بسلامة موقف بلاده ومن ثم الالتفاف اكثر فأكثر حول زعامته. فالقافلة ستسير باذن الله مهما بلغ عواء من تعرفون.
وعلى الحب نلتقي....