قالت السودانية زكية (40 عاما) وهي تصف عملية الختان التي تعرضت لها ان "المخدر لم يكن فعالا ولن انسى ابدا الألم او الابرة التي احدثت في ثقوبا. وبعد ثلاثة اسابيع، قاموا بسحب القطب بواسطة ملقط لنزع الشعر".
وكان صوتها حازما لكن نظراتها خانت الضيق الذي سببته اثارة هذه الذكريات التي تتقاسمها، طبقا لليونيسيف، اكثر من 80% من السودانيات والتي تصفها المنظمات غير الحكومية والامم المتحدة بانها "تشويه جنسي انثوي".
وتعتبر عملية الختان التي تمارس في السودان، وخصوصا في شماله، بين اكثر عمليات الختان حدة. وتوصف العملية بانها تعقيم في حين تحددها منظمة الصحة العالمية بانها "ختان جزئي او كلي للاعضاء التناسلية الخارجية وتقطيب الفتحة المهبلية". والمضاعفات التي تنجم عن العملية متعددة بينها النزيف واحتباس البول اضافة الى صعوبات جنسية. وقالت سميرة احمد مديرة مكتب اليونيسيف في الخرطوم ان احدى السيدات المختصات بالختان تجري العملية للفتيات اللواتي "تتراوح اعمارهن بين 7 و11 سنة قبل وصولهن مرحلة البلوغ في حين تقوم احدى القابلات باعادة التقطيب بعد كل عملية ولادة". وقالت امينة محمود شاين رئيسة شبكة من المنظمات غير الحكومية تضم 50 منظمة محلية وعالمية تطالب بالغاء ممارسة الختان ان العملية ليست حصرا بالفقراء او المناطق النائية وانما تطال جميع الطبقات الاجتماعية والدليل هو زكية التي تنتمي الى عائلة ميسورة في الخرطوم ودرست ادارة الاعمال ولديها وظيفة منذ سبعة اعوام.
وافاد تقرير اصدرته "اليونيسيف" في الفترة الاخيرة انه "بالرغم من الحملات التي نظمت خلال الاعوام الثلاثين الماضية، فان عمليات الختان لم تتراجع الا قليلا او ربما لم تتراجع على الاطلاق". وكانت المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية تكافح الختان وحدها حتى العام 2001 عندما انضمت اليها الحكومة عبر تشكيل لجنة مكلفة التحضير لقانون حول الموضوع، ووضعت خطة عمل لالغاء التعقيم.
وذكر تقرير صادر عن وزارة الصحة انه يتوقع ان تصدر السنة الحالية فتوى ترفض اي صلة بين الاسلام والختان. وقالت شاين ان "اعمال اللجنة توقفت من دون توضيحات". لكن ولاية جنوب دارفور حققت اختراقا السنة الحالية حيث طرح مشروع قانون، ينص وللمرة الاولى، على عقوبات جزائية ضد الاهل والمرأة التي تتولى عملية الختان. ويجب الحصول على توقيع الحاكم على المشروع الذي لن يطبق على الصعيد الفدرالي. ولكن حتى لو تم اتخاذ اجراءات كهذه، فان الختان قد يبقى راسخا في المجتمع السوداني. وقالت سميرة احمد "انها مسالة قوة، فالمرأة تعتقد بانها تسيطر على الرجل بواسطة فرض علاقات جنسية صعبة عليه، كما تعتقد ايضا بان الختان يجعلها اكثر تسامحا كونها تحملت آلامها".
وفضلا عن الاعتبارات الاجتماعية، اضافت سميرة احمد ان الحرب التي تمزق البلاد منذ العام 1983 تشجع على الختان "لان المسيحيين الذين فروا من الجنوب تبنوا عادة الختان باعتقادهم ان ذلك سيساعد على اندماجهم في المجتمع الشمالي".
والمعاناة التي عاشتها اجيال من السودانيات المختونات قد تبقى معالمها الاجتماعية لفترة طويلة. واوضحت زكية التي طلقت بعد ثلاثة اشهر من زواجها بان ليلة الدخلة كانت "جحيما" ووصفت العلاقات مع زوجها بانها كانت "اغتصابا" وهي تقسم بانها لن تتزوج ثانية "لكي لا تعيش ذلك مرة اخرى". ومنذ خضوعها لعملية الختان، تعاني زكية من الرهاب عندما تشاهد ادوات قاطعة او مقصا لكنها ترفض ملامة المرأة التي اجرت لها العملية لانها كانت تقوم بعملها. الا الانها اقرت بانها ترغب في وضع المرأة "على طاولة لاريها ما عانيته".