الصراخ

(حيث يوجد الصراخ تهرب المعرفة) هذا ما قاله احد المفكرين.. والصراخ سلاح من اسلحة العاجزين، الذين يعتبرون علو الصوت دليلا على القرب من الحقيقة او امتلاكها. اما المعرفة فهي ادراك الاشياء وتصورها بالحس والعقل. وهي المجادلة بالتي هي احسن. في السلوك الاجتماعي العربي، بدءا من البيت والمدرسة وحتى الفضائيات، نجد ان الصراخ هو سيد الميدان او حصانه، فالمتجادلان لا يقدمان اضاءة معرفية للموضوع المطروح للجدل، بل يقدمان ضجيجا وصراخا يكاد ينفث الدخان. الاب يصرخ في البيت، والمعلم يصرخ في المدرسة، والشرطي يصرخ في المخفر، وهكذا في كل حقل.. فكيف لا تفر المعرفة. المعرفة ثقة لا بالنفس وحسب، بل بها وبالآخر ايضا. انها اشبه بالاعتراف الوارد على لسان الشاعر: (ان بني عمك فيهم رماح) اما الصراخ فهو عادة جاهلية، وان جاءني القرن الحادي والعشرون، وعلى الرغم من سيول العلم والمعرفة. اكاد اقرأ البيت القديم هكذا: ومن لم يذد عن حوضه (بصراخه) يهدم ومن لايظلم الناس يظلم الذي قرأ (الياذة هوميروس يعرف ان الصراخ المدوي في الحرب محمود منذ الاف السنين.. والتراث العربي.. يعزز ذلك.. فهل النقاش العلمي حول موضوع ما اصبح عندنا ساحة حرب؟ هذا ما تستطيع معرفته بمجرد سماع متجادلين.. في قناة فضائية.. انها فضيحة.. اليس كذلك؟