استطاعت الحركة الصهيونية بمساعدة جهاز الدعاية الضخم الذي اقامته ان تجعل مما سمته عداء السامية او على الأصح كراهية اليهود جريمة كبرى, حتى ان بعض الدول الغربية صدعت لهذا الافتراء ووضعت تشريعات لكبح المشاعر الطبيعية لدى البشر.
عندما انقض القيصر الروسي الاسكندر الثاني على يهود روسيا, فعل ذلك لانهم تآمروا عليه ووضعوا خطة لاغتياله. وعندها تشتت يهود روسيا في أنحاء الكرة الأرضية, فهرب بعضهم ـ وهم الأكثرية ـ الى الولايات المتحدة وبعضهم الى فلسطين فكان ما يسمى بالهجرة الأولى.
ولقد سجل المؤرخون ان أسباب انقضاض النظام النازي على يهود ألمانيا ومعهم يهود بعض الدول الأوروبية هي أنهم وضعوا خطة لتخريب الاقتصاد الألماني لمصلحة خصوم ألمانيا.
والآن تتصاعد شكاوى عناصر الحركة الصهيونية من تفاقم أزمة العداء على اليهود (وما زالوا يسمونه عداء السامية) في أنحاء كثيرة من العالم بما في ذلك فرنسا أم الديمقرطية وإيطاليا وروسيا وانجلترا وحتى في الولايات المتحدة. ومع ذلك لم يسأل زعماء الحركة الصهيونية عن الأسباب بينما هم قطعا يعرفون الأسباب لكنهم يحرصون على عدم التصريح بها.
لنستمع ـ على سبيل المثال ـ الى السناتور الكندي جيري جر افشتاين الذي شارك مؤخرا في افتتاح دار البرلمان الألماني الجديدة في برلين.
قال جرافشتاين: كنت أعرف انني اقف على مسافة بضعة أمتار من البقعة التي أعلن فيها هتلر في يناير 1939 انه في حالة نشوب حرب فان هذه الحرب ستسفر عن إبادة يهود أوروبا.. واستطرد يقول: "هكذ يلعب التاريخ بحيل غريبة علينا. ولقد كانت لحظة عاطفية بالنسبة لي عندما أفكر فيما كنت اقوله وفي النقطة التي اقف عليها. فلقد شعرت بسخرية عميقة بوقوفي في دار البرلمان الألماني طالبا اتخاذ قرار يندد بعداء السامية".
ومن هنا يرجع دعاة الصهيونية الى الهالة الكبرى التي اخترعوها وحاولوا بشتى الوسائل ترسيخها في أذهان الشعوب وهي ان عداء السامية (او كراهية اليهود بالأحرى) جريمة يترتب على جميع الدول ومعها شعوبها اتقاءها ومقاومتها وتحريمها.
ودعت الدول الأعضاء الى عقد ندوات متتابعة للتعرف على الاجراءات الفاعلة ضد عداء السامية, وان تسن قوانين ولوائح تتمشى مع الالتزامات المتعلقة بذلك لمكافحة عداء السامية.
ويقول جرافشتاين ان القرار سينتقل من الصعيد البرلماني الى الصعيد الحكومي لتنفيذه.
وتعتبر هذه المنظمة أكبر منظمة أمن أقليمي في العالم وفيها أعضاء دول من أوروبا وآسيا الوسطى وأمريكا الشمالية. ولها نشاطات في منع القتال ومعالجة الأزمات وإعادة الإعمار الناجم عن الحروب.
ثم تحدث جرافشتاين عن أثر تصاعد عداء السامية في أوروبا وقال: انه كان له أثر سيىء على الطوائف اليهودية هناك. فعلى سبيل المثال تحدث عن قيامه وزوجته بزيارة معبد يهودي في برلين بني قبل مائة عام لكن جميع ما يدل على انه معبد يهودي قد أزيل وهذا يشمل الزخرفة والكلمات ورأى نفس الشيء في مروره بعدة دول أوروبية.
ولعل الأخطر في ذلك ان الدنمرك التي كان ملكها وشعبها قد ساعدا في التخفيف عن ويلات السكان اليهود هناك أثناء الحرب العالمية الثانية تشهد في السنوات الأخيرة انتعاش العداء لليهود . وأشار الى تعرض فريق كرة قدم إسرائيلي الى الضرب في الدنمرك.
وقال أيضا انه سمع أعضاء برلمان يهودا قابلهم في هنغاريا وإيطاليا وجنوب أفريقيا وعرف منهم ان الآراء التي طرحت أثناء انعقاد مؤتمر ديربان بجنوب أفريقيا أسهمت في تصعيد العداء لليهود, وهذا ما لا يقبله المنطق ولا العقل السليم. واضح ان جرافشتاين ظن ان الرأي العام العالمي من السذاجة لدرجة انه ستنطلي عليه هذه الأكاذيب. ومن البديهيات ان المراقبين والمحللين وحتى عامة الناس قد لاحظوا تصاعد كراهية اليهود في خط متواز مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على أصحاب الأرض الفلسطينيين وشهد العالم على شاشات التلفزيون غطرسة القوة العسكرية الإسرائيلية التي تمثلت في هدم المنازل على رؤوس سكانها بما فيها من نساء وأطفال وشيوخ وسد منافذ الرزق وترك الجرحى تنزف دماؤهم واغلاق طرق المستشفيات أمامهم الى ان يقضوا عند الحواجز الإسرائيلية.
ولا شك في ان العالم كله قد علم بمنع وصول المزارعين الفلسطينيين من الوصول الى كروم الزيتون لقطف ثمارها فهل بعد هذا من يدهش لتصاعد عداء اليهود حتى في أوروبا؟
أما العلاج فرد حقوق الشعب الفلسطيني فبعد ذلك لن يبقى لعداء السامية أثر ولا سبب!