الدَّيءن يكسر حشيمة الرجالفف مقولة قديمة، أطلقها الآباء منذ القدم، وسار على نهجها الأبناء، فذهبت مثلا تتناقله الألسن والأحاديث، وصارت حكمة ينصح بها الناصحون وأولياء الأمر في كثير من المواضع والأحايين.
وفي مجتمع ما قبل النفط، كان الرجل عندنا يأبى أن يكون أسيرا للدَّيءن وذل الدَّيءن ومهانته، ولم يكن يقبل أن يكسر حشيمته وهيبته وكبرياءه، فكان يرفض أن يطوّق جيده بحبل من الدين، أو أن يضع يديه في قيد حديدي لا فكاك منه، إلا في الحالة التي نطلق عليها حياة أو موت .
اليوم صار من السهل على الرجل أن يمرمط كرامته في تراب الدَّيءن، ويقبل بصورة مشينة أن يكون غارقا في محيط من الدائنين، هذا يطالبه بعدة آلاف، وذاك يطارده لاسترداد قرض، وثالث يفضحه في كل مجلس لأنه ما دفع اللي عليه فف المنقولة وغير المنقولة إلى أبد الآبدين، أما عن الفوائد فحدث عليه هذا عدا عن البنوك التي ترهنه وترهن ممتلكاته بلا حرجفف فهي تتراكم عليه وتكبر ككرة الثلج عندما تتدحرج من عل، حتى تتركه عاريا أمام نفسه وأمام أهله ومجتمعه.
بين يدي رسالة مؤلمة بكل معنى الكلمة من مواطنة، تشردت عائلتها ووجدت نفسها فجأة في الشارع بسبب تراكم الديون على زوجهافف تقول هذه المواطنة:
في البداية قد تستغرب أن أنقل إليك هذه المشكلة، ولكن ماذا أفعل؟فف فليس لدي حيلة أخرىفف أنا مواطنة من أهل الدار، تزوجت من قريب لي دخل السجن بعد ثلاثة أشهر من زواجنا بسبب الديون، فصبرت إلى أن خرج بكفالة، ولكنه بقي على هذا الحالفف يخرج ويدخل السجن في فترات متقطعةفف مرة لمدة 15 يوما ومرة أخرى لمدة 7 أشهر ومرة ثالثة لمدة 5 أشهر، إلى أن امتدت الفترة لتصل إلى سنة و3 سنوات.
وخلال هذه المدة أنجبت منه أطفالا لعله يعتدل ويقدر، ولكن في آخر مرة حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات بسبب الديون، فصبرت لعله يحتسب عند الله. وفكرت أن أعمل لكي أعيش بكرامتي وهو لا يحس بذلكفف وعندما تم الإفراج عنه خرج ولم يتذكرني أنا أو الأطفال، بل هجرنا لكي لا يتحمل المسؤولية!
هل يمكن أن يموت الإحساس عند الإنسان بهذه السهولة؟فف هل يمكن أن يؤدي تراكم الديون عليه إلى فقدان الشعور بالأبوة إلى درجة أن يتجاهل أبناءه نهائيا؟ففلم أجد إجابة عن استفساراتي، ولكن إلحاح ابنتي جعلني أكتب إليك، وأطلب منك أن توجه صرخة للمجتمع بأن يحمي المواطن من غول الدين، فزوجي اليوم متروك مؤقتا، وغدا قد يعود إلى السجن إذا اشتكت عليه أية جهةفف فهل من يد تمتد إلي لتساعدني في التغلب على هذا الذل؟.
الاتحاد الاماراتية
