أعتمدت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم / اليونسكو/ يوم العاشر من نوفمبر لهذا العام يوما عالميا للعلوم من أجل السلام والتنمية .
وبين رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور صالح بن عبدالرحمن العذل فى كلمة له بهذه المناسبة أن هذه المناسبة تستدعى قراءات أكثر جدوى للعلاقة بين التقدم العلمى واسهامات العلوم ومسارات التنمية فى بلدان العالم النامى من جهه وبين التقدم العلمى والسلام العالمى خاصة فى هذه الفترة الحرجة التى تواجه فيها منطقتنا نذر حرب قد يترتب عليها كوارث انسانية واعاقة حقيقية للتنمية .
وأوضح أن العلاقة بين مساهمة التقدم العلمى فى مسيرة التنمية فى بلدان العالم المتقدم لاتحتاج الى دليل أو كثير اكتشاف فالارقام والاحصاءات والتقدم الشامل على مستويات كثيرة يجعل من هذه العلاقة وثيقة وبنيوية مشيرا الى أن الرؤية العلمية والتفكير العلمى بدأ يتغلغل فى تلك البيئات لدرجة التمكن الوثيق فى نسيج ثقافة تعلى من شأن العلم وتجعله هو الوسيلة الوحيدة والاكيدة لتحقيق معدلات نمو وتقدم مذهلين .
وقال الدكتور العذل // انه منذ أن اكتشفت تلك المجتمعات دور العلم واسهاماته فى تقدمها وهى تخوض ثورات كبرى غيرت وجه الحياة فيها بدءا من الثورة الزراعية الى الصناعية الى عصر التقنيات العالية والدقيقة وتلك المجتمعات تجعل الرؤية العلمية التى تخضع للنظر المحايد والتجربة والدراسة المتأنية وتحفيز مقومات الاكتشاف والفحص والتحليل ودعم الابتكارات وتقدير الابداع تجعل كل هذا جزء من نسق ثقافة يتشربها النشئ وتقوم عليها صناعة الحياة // .
واضاف يقول // ان العلم هو الحقيقة المركزية فى القرن الماضى وفى هذا القرن الذى نستهل الان بداياته وما من شك بأن شكل العالم الحالى ليس سوى نتاج العلم والتقنيات المرتبطة به على الاقل خلال المائة سنة الاخيرة فالعلوم والتقنية استطاعت أن تقضى على الفقر والمرض والاوبئة فى العالم المتقدم كما أنها استطاعت من خلال تطوير تقنيات الاتصالات التى حققت فى العقود الاخيرة قفزة نوعية فائقة السرعة والابهار من تحقيق مفهوم العالم القرية الكونية .. كما جاءت كشوفات العلم الحديث بالعديد من الثروات سواء فى المستوى الطبى أو فى المستوى الزراعى أو فى مستوى علوم المواد فثورة البنسلين انقذت البشرية باذن الله تعالى من الموت الجماعى بسبب الاوبئة التى تنتقل بالعدوى وثورة تقنيات انتاج وحفظ الغذاء والمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية انقذت البشرية من مجاعات دائمة واليوم هناك ثورة المعلومات التى تبدت فى عصر الانترنت وثورة التقنية الحيوية التى تبدت فى فك الشفرة الوراثية وتطبيقاتها المذهلة والتى لا احد يعرف أين ستتوقف أو الى أين ستمضى // .
وأشار رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الى أنه اذا كان العالم المتقدم قد أدرك حقيقة الربط بين التقدم والتنمية فان العالم النامى مطالب بالالتفات أكثر الى هذه الحقيقة .
وقال // اذا كانت هناك أمثلة رائعة على امكانية أن تحقق بلدان نامية تقدما فى هذا المجان فان الهند على سبيل المثال حققت تطويرا مهما فى تقنية الحاسبات والمعلومات // موضحا أن بلدان مثل بعض دول شرق آسيا مثل ماليزيا وكوريا وسنغافورة استطاعت أن تحقق تقدما نوعيا وكبيرا فى بناء قاعدة صناعية مهمة تعتمد التطوير الذاتى لمقدراتها وأن اعتمدت الشراكة الغربية كوسيلة لجلب تلك التقنيات الى بلدانها .
ولفت الى أن دولا نامية كثيرة فى العالم ومنها الدول العربية لم تستطع أن تحقق معدلات نمو ذات صفة مرتبطة بتكوين قاعدة علمية وصناعية مكملة لها وظلت كل المحاولات القائمة محاولات خجولة ومتعثرة ولم تكن المسالة العلمية واضحة فى تكوين بنى المجتمعات اقتصاديا وصناعيا مفيدا أنه بالاجمال مازات القدرة على توظيف العلوم واسهاماتها فى خدمة تنمية بعيدة المدى أقل من المتوقع وهى لم تتجاوز تحسين ظروف الحياة من خلال الشراء والاستهلاك دون محاولة انتاج أفضل أو تطوير محلى مناسب للقدرات العلمية والتقنية ومن ثم توظيفها بانتاج يمكن تلمس أثاره على البيئة المحلية .
واضاف الدكتور العذل يقول / ان هناك ما يدعو اليوم للقلق على مستقبل نقل التقنية الى بلدان العالم النامية اذ انه بعد احداث 11 سبتمبر التى وقعت فى ينويورك وواشنطن العام الماضى والتى لا يقرها أيا من بلدان العالم النامية والمتقدمة بدأت هناك أحترازات غربية شديدة فى امكانية جلب التقنيات الحديثة التى اصبحت تخضع لتقييم مبالغ فيه خوفا من أن توظف لخدمة أهداف أصبحت تشكل هاجسا ممرضا للولايات المتحدة الامريكية خصوصا وللغرب عموما وتلك ستكون خطوة بالغة الضرر فى سبيل نقل التقنية الى بلدان مختلفة تحتاج اليها وتعول على استخداماتها فى تنمية بلدانها / . ونبه الدكتور صالح بن عبدالرحمن العذل الى ان اعظم مشكلات العالم اليوم مع نواتج العلم وتطورات استخداماته هى تلك المشكلات المتعلقة بالطاقة ومدى القدرة على توفير طاقة آمنة وفعالة وقليلة الكلفة ومناسبة لمشروعات التنمية بالاضافة الى مكشلات البيئة المتصلة بالتغييرات فى التوازن الطبيعى للكربون والنتروجين والاكسجين وما تسببه من تلوث ومشكلات اخرى تتعلق بمدى خطورة الاغذية المعدلة وراثيا . وقال // ان العلم يهب الانسان الكثير من النتائج التى بامكانها ان تحسن شروط حياته لكنه فى ظل شره لا يتوقف للمال والثروة وتدوير الصناعات تبرز مشكلات بيئية وطبيعية تحمل الكثير من المخاطر على هذا الانسان الذى حاول ان يخل بالتوازن الطبيعى والبيئى عبر عمليات استغلال مدمرة للبيئة او انتاج مواد ذات صفة تدميرية للعناصر الحية والضرورية للتربة وانتاج الغذاء / مؤكدا ان معادلة الحفاظ على التنمية المستديمة دون اخلال بالتوازن القائم مهمة ليست ضرورية فحسب بل وحتمية // . وبين رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية انه على الرغم من عدم تحقيق الدول العربية معدلات نمو عالية فى مجال تطوير البحث العلمى ونقل التقنية الا ان هذه المهمة ليست مستحيلة وهى تتطلب ايجاد مناخ علمى وتقنى ملائم ممثلا بما فعلته بضعة دول آسيوية لها تجربة رائدة فى هذا المجال . وأشار الى أن تسارع التنمية فى حقل العلوم والتقنية يزداد اذا توفر المناخ الملائم لنشرها بين الشعوب ويعتبر ايجاد مثل هذا المناخ وتشجيعه من متطلبات تنمية وتطوير العلوم والتقنية وقال فى ختام كلمته انه فى اليوم العالمى للعلوم والسلام والتنمية علينا أن نبحث عن ضوء يجتلى واقع العرب اليوم وقد لا نجد سوى الانحياز للعلم الحقيقى كمنتج للمعرفه وداعم للتنمية .