من أهم الأسس التي تقوم عليها المملكة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه من البديهيات التي يعرفها الصغير والكبير، ويأتي هذا الاهتمام من نقطة جوهرية الا وهي ان هذه المملكة انما هي بلاد القرآن الكريم، ودستورها هو القرآن، وارضها ارض القرآن، وخيرها من الله منزل القرآن، وعزتها بالقرآن، ولذلك لاعجب ان كان ليلها ونهارها مسخرين لاجل القرآن ولله الحمد.
وعندما نتحدث عن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم فاننا من النظرة الجغرافية نتحدث عن كل المملكة من اقصى شرقها الى اقصى غربها، ومن شمالها الى جنوبها مرورا بأواسطها، فالامر وصل لكل مدينة ومحافظة وبلدة، والحفظة يشع نورهم في كل مكان، بل تعدى الامر ذلك الى خارج الحدود، فوصل النور الى كل ارجاء المعمورة ولهذا لا عجب ان حظيت تلك الجمعيات بالدعم كل الدعم ومن كل المستويات.
ففي هذا المساء الرمضاني المبارك، تبتهج سماء تبوك في اقاصي الشمال من المملكة فرحا بمناسبة من اسعد المناسبات، وفرح من اكبر الأفراح، وعرس من اجل الاعراس، انه حفل جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة تبوك لتكريم كوكبة من الحفظة، الذين جعلوا وقتهم وفكرهم وعقلهم والسنتهم لخدمة كتاب الله تعالى، الحفل سيزين المنطقة كلها، وسيرعاه امير المنطقة بنفسه صاحب السمو الملكي الامير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، فعطاؤه الدائم، وأياديه البيضاء، شكلت الدعم المعنوي والمادي الذي لم ينقطع لهذه الجمعية ومنسوبيها من الحفظة في كل ارجاء المنطقة، فقد قدم ومازال يقدم كل ما يمكن لاجل ما يخدم مسيرة هذه الجمعية الفتية.
الحفل البهيج سيحضره ايضا معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد رئيس المجلس الاعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ صالح بن عبدالعزيز ال الشيخ، الذي يحرص كل الحرص على مساندة ومؤازرة هذه الجمعيات الخيرة.
وعندما نريد التحدث عن الجمعية فانه يخطر على البال رئيسها رجل الهمة، والنشاط الذي لايتوقف، وصاحب الحيوية الدؤوبة رغم انه المتطوع في عمله، انه فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد وهو رئيس المحاكم في المنطقة، المعروف باعماله الخيرية في تبوك وخارجها.
التميز هذه المرة يأتينا من تبوك، فتبوك رغم انها على الاطراف من بلادنا الغالية، الا انها في القلب دائما ولا يخرج منها الا الفرح الدائم، فجمعية تحفيظ القرآن الكريم في منطقة تبوك تمثل بحد ذاتها التوفق والريادة، والنشاط الفاعل، فقد بلغ عدد الملتحقين بها من الذكور والاناث اكثر من (11) الف طالب وطالبة يدرسون في (203) حلقات مباركة تتوزع على ارجاء المنطقة.
ان ما حققته الجمعية من منجزات هي محل الفخر والاعتزاز، حيث انها تختلف عن غيرها من مناطق المملكة، فهي المنطقة التي ينتقل فيها غالبية طلاب الحلقات بعد المرحلة الثانوية الى المدن الكبيرة لاتمام دراستهم الجامعية، وبهذا فان الخير الذي فيهم يتوجه للمدن الكبرى، ويشكلون مع اخوانهم الحفظة هناك ينابيع للخير الدائم.
لقد بادرت الجمعية بانشاء مشروع اسهم الوقف القرآني، وهو مشروع تجاري كبير تقدر تكلفته بـ 24 مليون ريال، ويهدف الاستثمار فيه لسد نفقات الجمعية، والاستغناء عن جمع التبرعات في المستقبل لضمان الاستمرار في اقامة الحلقات، والتوسع فيها، وزيادة مناشط الخير باذن الله ومن اجل ان تتجه انظار المتبرعين الى مشروعات خيرية اخرى.
وهذه الجمعية الغراء لا تتوقف عند هذه الحدود، بل تعتزم القيام بكل ما من شأنه الاخذ بيد العمل الخيري والتحفيظي على مستوى كل تبوك، بل يمكن ان يشكل ذلك نواة تحذو حذوها باقي الجمعيات، فهي تهدف الى ايجاد وقف استثماري ثابت في كل حي، واقامة حلقات نموذجية تعني بالمبرزين من الطلاب والطالبات، وفتح موقع يعرف بالجمعية على الانترنت، والتوسع في التعليم النسائي فالمرأة معلوم مكانها في القلوب والمجتمع.
ان جمعية تحفيظ القرآن في تبوك ماهي الا لؤلؤة في عقد اللؤلؤ الذي يزين جيد هذه البلاد المباركة ممثلا بالجمعيات تلك الجمعيات التي حققت قفزات كبيرة، حيث خرجت الآلاف من الطلبة والطالبات حافظي كتاب الله رغم العمر الزمني القصير لها، فالخير الذي أتى منها كبير، فهنيئا لتبوك بيوم من ايام العمر، وهنيئا لذوي الحفظة عشقهم لكتاب الله، وهنيئا للأمة بابناء على العهد ماضون، فنحن امة الحب، والعطاء، والاخاء، والكرم، والجود، والانسانية، والهناء، والعطف، والتواد، والتراحم.
كتاب الله في قلوبنا على الدوام، وتبوك تشهد اليوم، فانطلقي يا امة الخير الى مجد لا يدانيه مجد ما دام كتاب الله يحظى بالرعاية التي يستحق.
وقبل الختام جاء دوركم الان يا أهل الخير، وانتم كثر ولله الحمد في مملكة الخير، ان تسهموا بما تجود به انفسكم لدعم هذه المسيرة العطرة، وخاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل الذي تضاعف فيه الحسنات، فالجمعيات تنتظر عطاءكم، ومنها جمعية تحفيظ القرآن الكريم في تبوك ابوابها مشرعة للخير يأتي من اياديكم، والأكثر من ذلك ان ابواب جنان الرحمن هي التي تنتظر صدقاتكم وزكواتكم، فلا تبخلوا على انفسكم بالخير. (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم اجرا).
سلمان بن محمد العمري