جاءني رجل اعرفه من بعيد لكنه الآن يختلف عما سبق وكان يبدو عليه آثار النعمة، فالثوب (مكوي) ناصع البياض والغترة منتصبة باستقامة كأنها مظلة شمسية والأحذية تلصف من شدة التلميع الأناقة قد أكتملت في ذاك الرجل، قدمت له ما لذ وطاب بدأني بمعسول الكلام قائلا:
ـ ألم تلاحظ ـ أخي الكريم ـ عجز البنوك لدينا ؟
ـ كيف لم أفهم ؟
ـ لقد ثبت بالبرهان أن البنوك عاجزة تماما ولم تعد تلبي رغباتنا
ـ مكن توضح أكثر لو سمحت ؟
ـ رغم ارباحها الخيالية لم تعد تغرينا بالبقاء في صناديقها (البخيلة)
ـ بالعكس.. ارى انها فتحت مجالات واسعة لاستثمار مودعاتنا، بدلاً من جمودها غير المجد
ـ إن بنوكنا على كثرتها غثاء كغثاء السيل لا نفع فيه، وكي أدلل على ما أقول أن هناك أناسا يستثمرون أموالنا بكل يسر وسهولة ويتحفوننا بإرباح مغرية ولسنا ملزمين بالأنتظار سنة كاملة بل نستطيع سحبها كل(6) أشهر بل كل(3) أشهر وبأرباح تصل إلى ضعفين واحيانا ثلاثة أضعاف مما تتكرم به علينا بنوكنا الموقرة!! لقد شنف أذني بحديثه (العذب) إنه يتكلم عن (ارباح) قد تصل في المعدل إلى (28%) حديثه يسيل له اللعاب ويلغي العتاب بل يغني عن الجواب ويجعلني أوصد الباب لأتبسط في الحديث معه وألغي جميع أرتباطاتي لأتفرغ له وانهل من معينه حتى أرتوي. طال الحديث بيننا وشدتني أكثر دعوته لي للقاء واحد من أولئك التجار المتمرسين في سوق المال.. ركبت معه في سيارته الفارهة ودار الحديث عن أمور شتى لم تدم طويلاً لقصر المسافة، وصلنا المكتب، واستقبلنا هو بنفسه واعني به (موظف الأموال) بكسرالـ(ظ) وفي مكتبه الفاره (مكتب وزير) قدم إلينا واجب الضيافة فاقت (درجة الماسية) في بنوكنا المحلية. ودون تردد حررت شيكا شخصيا بمبلغ كبير ولم أستلم (ايصالا) وبلمح البصر يلتقط صاحبنا الشيك ويودعه في يد (المحاسب) الذي ينطلق كالبرق لمصدر البنك ويودعه في حساب المكتب اياه وبعد التأكد من سلامة حسابي وأن الشيك دخل حسابهم يقوم المحاسب بمهاتفة رئيسه ان (أصدروا سند استلام حالا) وبترحاب دافيء ـ زاد عن الاستقبال ـ أغادر المكتب بكل حفاوة وتقدير أنتظرت بسيارة صاحبنا هنيهة حتى بان محيا صاحبنا هاشا باشا نازلاً على (راسي) يقبله بحرارة (تصل إلى 48 درجة مئوية!!) أوصلني صاحبنا إلى حيث اريد جلست على مقعدي المعتاد وبدأت أفكر (راحت السكرة وجاءت الفكرة) بدات أتساءل: ما الذي فعلته هل أنا في وعيي؟ أم ان الرجل (ساحر) كيف أطاوعه بهذه السهولة؟ كيف اقنعني؟ وانهالت على اسئلة لا حصر لها .. آه هو الآن قد حصل على المقسوم (كل شيء بأجره) يحصل على كل راس (%) معينة وبها ومنها استطاع أن يبتاع سيارة (شبح) آخر موديل أنه الآن في مكتب آخر وعند فريسة آخرى.
عبدالعزيز عبدالله المشرف