في اطار الموسم الثقافي لنادي القصيم الادبي لموسم 1423-1424هـ نفذ النادي الفعالية الثالثة وهي محاضرة تتناول المناهج النقدية الحديثة وقد استضاف النادي الاستاذ الدكتور مصطفى بكري السيد. استاذ الادب الحديث، وقدم المحاضرة رئيس النادي د. حسن بن فهد الهويمل.
ولقد استهل الهويمل تقديمه عن خطورة (نظرية التلقي) واستعرض معطياتها وبخاصة في الفكر الاسلامي، واشار الى ان المحاضر سيقتصر حديثه على المناهج النقدية الادبية.
وبإتاحة المجال للمحاضر تحدث عن اهمية البحث انطلاقا من منهج مستشهدا بكلمة لديكارت (1596-1650): (خير للانسان ان يعدل عن التماس الحقيقة من ان يحاول ذلك من غير منهج). ثم نقل تعريفه للمنهج، وذكر ان النقد وان تأخر في الزمان عن النص فهو يساويه في المكانة، وقد يتجاوزه احيانا.
وبسبب العلاقة الابوية بين المجتمع والنص نظر الواقعيون وغيرهم الى النص بوصفه وثيقة تاريخية او اجتماعية، والحديث عن هذا الفهم للادب اختزله وكان على حسابه غالبا، والتطبيق الماركسي المتعسف على يدي (جدانوف) ضاعف من تهميش اللغة والابداع وفتح الباب على مصراعيه لقيام الشكلانيين الروس بنقد المفهوم الجدانوفي ثم نقضه مهددا بذلك للبنيوية التي تعمل نقاد وفلاسفة على تطوير مفاهيم الشكلانيين لتنتهي تلك الجهود بظهور البنيوية منهاجا لا يقف عند حدود الادب وتخومه، بل تناول الفكر الاجتماعي والانساني كله، بدت جهودهم وكأنها تنسخ عصر ما قبل النص لتؤسس لعصر النص بذاته ولذلك كانوا مؤكدين على اللغة وسيلة وهدفا ايضا غير معتدين باية قيمة اخرى في النص.
وبعد ذلك جاء عصر القارئ الذي يعلي من شأن المتلقى الضمني، والقارئ المؤهل الذي تدين له النصوص بحياتها عندما اشبعها نقدا ونقلها من صمتها الى الكلام، ومن حضورها المحايد الى حضورها المثير او المستفز احيانا للكاتب. ولعل (بول فالبري) و(ورولان برت) الاول بشعره والثاني بنقده - كانا من كبار صانعي هذا الاتجاه. عرض المحاضر هذه الاتجاهات عرضا تاريخيا ونقديا بحدود الوقت المتاح مؤكدا في النهاية على اهمية بعد الكاتب والنص، ثم اعطى مصطلح تعدد القراءة اهتماما خاصة عندما اصله شرعيا وتراثيا.
وانهى قائلا:
- ليس كل نص يستحق القراءات المتعددة او في امكانه استدراج الناقد الى ذلك.
- ان المنهج يجب ان نملكه لا ان يملكنا، وان نحده - بعد الاستعانة بالله - ثم من خلال واقعنا وموقعنا وانفتاحنا المنهج الذي نستعمله إثراء لأدبنا وإخصابا لحياتنا الثقافية.