نظمت إدارة سجون منطقة الرياض مساء أمس الأول لقاء مفتوحا في مقر إصلاحية الحائر بالرياض بين سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ال الشيخ ونزلاء الإصلاحية والعاملين بها.
وفى مستهل اللقاء القى سماحة مفتى عام المملكة كلمة وجه فيها النزلاء الى ضرورة مراجعة النفس والتوبة الى الله والاقبال عليه وتطبيق أوامره والاخذ بأسباب النجاة في الحياة الدنيا والاخرة. وقال سماحته: صدور الخطأ من ابن ادم ليس بالامر المستحيل.. فالاخطاء تقع من الناس ولكن هناك من إذا أخطأ شعر بخطئه وأحس بخطئه وتصور خطأه فسعى فى ازالة ذلك الخطأ وبعد عنه بالتوبة الى الله منه والندم على ما مضى والعزيمة الصادقة ان لا يعود لمثله.
واضاف قائلا: فى هذه الدنيا نفس امارة بالسوء وشيطان يغرى.. ولاينجيك من تلك الشرور الا الاعتصام بحبل الله وقوة الثقة بالله وتفويض الامر الى الله والاخذ بالاسباب التى تنجيك من مداخل الشيطان ووساوسه. واستطرد سماحته يقول : ان الله اعطاك عقلا تدرك به النافع من الضار وتتصور به الخطأ من الصواب وتعرف به طريق الهدى من طريق الضلال فان سخرت عقلك واستعنت بالله ادركت الكثير من الاشياء. وقال سماحته : نخطئ وكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.. وكلنا مذنبون وخير المذنبين من تابوا الى ربهم واستغفروا من خطأهم وندموا على تقصيرهم واساءاتهم ورجعوا الى انفسهم. وأوضح سماحته أن من نعمة الله على عباده وجود من يأخذ على ايدى الناس ويوجه الى الخير ويردهم عن الباطل ووجود من يحول بين الناس واجرامهم وبينهم وبين الاستمرار فى اخطائهم وقال: جعل الله تعالى فئة من الناس تأخذ على عاتقها معالجة القضايا وردع الناس عن التمادى فى ظلمهم وطغيانهم.. ولولا ذلك لعاث الناس فى الارض فسادا لان من طبيعة النفس الميل الى الهوى والشهوات.. فمن رحمة الله بالمجتمع ان توجد فيه فئة تعالج هذه القضايا وتأخذ بأيدى المخطئين وتسيرهم على الحق وترشدهم الى الصواب فتلك نعمة من الله انعم بها على اولئك.. فانه اذا اخذ على ايديهم تابوا الى الله وانابوا اليه وانقلبت تلك الامور فى حقهم سعادة ولا يذوقون طعمها وحلاوتها الا اذا نضجت الافكار واستقام السلوك وحسنت الاخلاق واستعادوا ذكريات الماضى المؤلم وحمدوا الله على نعمته وشكروه على فضله وسألوا الله لاولئك الفئة ان يوفقهم الله ويجزيهم عنهم خير الجزاء.
ولفت سماحة المفتى العام للمملكة النظر الى أن حال السجون فى الوقت الحاضر اختلف عن السابق فأصبحت دار تهذيب وتقويم للسلوك ورسم للطريق السليم مبينا ان هذه خطوات عزيزة تشكر عليها وزارة الداخلية وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز ونائبه صاحب السمو الملكي الامير أحمد بن عبدالعزيز ومساعد وزير الداخلية للشئون الامنية صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز والقائمون على السجون.
وقال سماحته فى هذا السياق : ان المقصود بحدود الله انما هو رحمة بالخلق والاحسان اليهم وانقاذهم من الضلال وليس الهدف التعذيب ولا الاهانة ولا الاذلال.. ولكن المقصود التطهير والتنقية والتصفية واعداد المرء لان يقضى بقية حياته فى أحسن حال واستقامة للاخلاق.
وتحدث سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ال الشيخ عن فضل قراءة القرآن الكريم مبينا أن لقراءته وحفظه أو حفظ بعض أجزاء منه فضلا عظيما لان القرآن يقوم سلوك العبد ويهذب أخلاقه ويأخذ بيديه الى الخير ويهديه الى الطريق المستقيم. وأهاب سماحته بنزلاء الاصلاحية لتعلم القرآن الكريم واغتنام الفرصة ومواصلة التعليم واكتساب المهارات المهنية وغير ذلك من الامور التى يوفرها القائمون على السجون لتهيئة الفرد المسلم واعداده لان يكون فى المستقبل عضوا صالحا فى أمته. وأشاد فى هذا الصدد بحرص المسئولين على تعليم السجناء وتدريبهم على الاعمال المهنية مؤكدا أن ذلك يدل على حرصهم على أن يحولوه الى دار اصلاح وتربية وتوجيه واعداد الى الخير.
وأوصى سماحته فى ختام كلمته بتقوى الله فى السر والعلن والاستقامة على الحق والتوبة الى الله وعقد العزم على الاستقامة والاخذ بأسباب الخير والبعد عن الرذيلة سائلا الله تعالى أن يطهر الجميع من الاخطاء ويوفقهم الى التوبة النصوح. عقب ذلك أجاب سماحة مفتى عام المملكة عن أسئلة الحضور.