أشرنا في المقالة السابقة الى مستوى الانفاق لدى الدول الصناعية في مجال البحث والتطوير والذي يمثل 2 - 3% من الدخل القومي لهذه الدول , حيث ان عجلة البحث والتطوير بالدول الصناعية يتصدرها القطاع الخاص وسر تفوقها الصناعي والعلمي يكمن في حجم الاستثمار وتوفر المناخ الصحي الملائم للبحث والتطوير.
وتأتي اهمية العنصر البشري المؤهل تعليما وتدريبا بالمملكة العربية السعودية كمحور اساسي في خططها الخمسية المتعاقبة باعتبار ان تنمية الموارد البشرية بالتعليم والتدريب تؤهل اجيالا قادرة على دفع عجلة الاقتصاد وتدير الآلة الصناعية باقتدار, وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الاسرع نموا حيث وصل عدد سكانها عام 2000 قرابة 22 مليون نسمة بمعدل نمو 3.1% وبمعدل عمري يصل الى 16 عاما حيث وصل عدد سكان المملكة الى 11.9 مليون نسمة للذين تقل اعمارهم عن 30 عاما اي ما يعادل 74% من اجمالي سكانها وبمراجعة متأنية لهذه القراءات الاحصائية يمكننا ان نستنتج ان الفئة التي تغلب على طبيعة سكان المملكة هي فئة الشباب ويعتبر معدل النمو السكاني للمملكة ضعف النمو الطبيعي لسكان العالم.
في ظل هذه النسبة الكبيرة في فئة الشباب التي تغلب على طبيعة سكان المملكة فان الحاجة ماسة الى برامج مناسبة تؤهلهم لسوق العمل في ظل نسبة البطالة التي تصل الى اكثر من 20% بينما نسبة البطالة الطبيعية في الدول الاكثر تقدما تصل الى 5% وكذلك بحاجة الى مراجعة شاملة لاداء قطاع التعليم والتدريب الذي يمكن ان يطفئ نار البطالة التي تستعر بأبنائنا وبناتنا, ووصل عدد خريجي المدارس الثانوية بالمملكة العام الماضي الى اكثر من 200 ألف طالب وطالبة في الوقت الذي لاتستطيع فيه جامعاتنا او كلياتنا بالمملكة ان تستوعب اكثر من 15% من خريجي هذه المدارس, ويطرح السؤال نفسه عن مدى قدرة برامج التعليم والتدريب المتاحة في ضخ القوى العاملة السعودية المؤهلة علميا وفنيا والتي تستطيع ان تأخذ مكانها الملائم في سوق العمل وكذلك مدى قدرتها على استيعاب الاجيال القادمة للتقنيات المتقدمة, وهل من المتوقع لسوق العمل بالمملكة عام 2020 ان يستوعب القوى العاملة السعودية المؤهلة؟! حيث انه من المتوقع ان يصل عدد سكان المملكة في ذلك العام من المواطنين السعوديين قرابة 30 مليون نسمة بمعدل نمو قد يصل الى 3.1%. نحن بحاجة حقيقية لبرامج جادة تعي وتستوعب الخطط الطموحة للمملكة للسنوات القادمة وتصمم بطريقة تتناسب مع الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل الذي تزداد حاجته يوما بعد يوم وتستطيع هذه البرامج ان تؤهل ابناءنا وبناتنا لسوق العمل ويمكنها الاستفادة من الجهود المبذولة من الجهات المختلفة في هذا الاتجاه والتنسيق فيما بينها, مثل صندوق الموارد البشرية وصندوق المئوية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ووزارة التعليم العالي وكذلك كافة الجهات المعنية بالتعليم والتدريب, ويفترض بجانب هذا التنسيق ان يكون هناك برنامج مشترك يتبنى خريطة الطريق Road Map تهدف الى اعادة تأهيل آلاف الخريجين من الجامعات والمعاهد الفنية والثانويات بالمهارات والخبرات اللازمة لسوق العمل, وتحدد فيها الرسالة والرؤية وكذلك توضع لها الاهداف والاستراتيجيات المبنية على اسس علمية دقيقة حتى يمكنها ان تغطي الفجوة بين طالبي العمل من الخريجين من مراحل التعليم المختلفة وفرص العمل المتاحة في القطاعين العام والخاص.
عضو شرف الجمعية السعودية لتطوير ونقل التقنية