أخبار متعلقة
كانت الساباطات أبرز ما يميز حي الرفعة الشمالية بمدينة الهفوف، أما اليوم فقد تهدم أغلبها وهجر الناس الباقون منها.. لم تكن تلك الساباطات مجرد ممرات يجتازها الناس للوصول إلى بيوتهم، بل كانت أيضاً مكاناً للتبريد والنوم حين تشتد درجات الحرارة، فلا تعود البيوت ملائمة للنوم فيها. كما كان سقفها يستخدم غرفاً بعد اتفاق الجيران فيما بينهم على ذلك.
محمد ابن الشيخ سليمان العبداللطيف (80 عاماً)، أحد الذين ولدوا وعاشوا في الحي، وكان يعمل في حياكة المشالح، التي تعلمها من والده، يقول: كان بعض أهالي الحي يعملون في المهن البحرية أو الزراعية أو الحرفية اليدوية.
ويتذكر العبداللطيف ان البيوت كانت تنار بالفوانيس، أما الطرقات فكانت تضاء بسراج أبو سنارة. ولعدم توافر الكهرباء والغاز كان الناس يطبخون في منازلهم على الحطب والجذوع. ولأن شهر رمضان كان يصادف أشهر الصيف فقد كان الناس يذهبون للعيون المائية الباردة مثل أم خريسان للسباحة فيها، ولم يكن غريباً ان تجد أحد سكان الحي ينام في الساباط، فلقد كانت أبرد من البيوت.
وعن الإفطار في رمضان يتذكر العم محمد ان سكان الحي كانوا وما زالوا يتبادلون الأطعمة ترسيخاً لمبدأ الأخوة والتكافل بينهم. حتى ان المقتدرين يبحثون عن الفقراء لمساعدتهم بالمال والطعام.
أما أبرز الوجبات الرمضانية فهي التمر، اللبن، المرق، خبز مسح، فجل، جريش، عصيدة ورغيدة. ومن لا يملك الكثير من المال فيفطر على "الودمة" والفجل والتمر والاترنج.
ويواصل العبداللطيف سرد ذكرياته بالقول: كان الناس في رمضان يتجمعون من بعد صلاة العشاء في الصكيك، يتبادلون الأحاديث قبل ان يتوجهوا لأداء صلاة التراويح، وبعدها يعودون إلى منازلهم، فمنهم من ينام ويستيقظ قبل الإفطار على صوت أبو طبيلة (المسحراتي) لتناول وجبة السحور قبل الإمساك عن الطعام مع أذان الفجر. وقبل ان يحل العيد بثلاثة أيام يستعد الناس لإقامة العرضة في حي النعاثل والفريج الجبلي، وتفتح المجالس لتبادل الزيارات والتهاني بين الأقارب والأصدقاء وعامة الناس لمدة 3 أيام.
وحين يواصل العبداللطيف سرد حكايات الرفعة الشمالية فانه يتذكر الأطفال في الأزقة يلعبون الهول والحوزقة والغميمة. أو يبيعون الباجلة والبليلة والبسطة (مجموعة من الحلويات على الأرض).
ويؤكد على تكافل أهالي الحي بينهم، ويقول: كانوا يقفون إلى جانب بعضهم حين يحتاج أحدهم إلى مساعدة، ففي الزواج يتعاون أهالي الحي على طبخ الوليمة وتقديم المساعدات العينية، وكذلك في حال البناء، فترى البعض يحضر مواد البناء والبعض الآخر يباشر البناء والبعض يعد الوجبات لمن يقوم بالبناء وصاحب البيت.
وحين يقارن العبداللطيف بين النشاط التجاري في الحي قبل 30 عاماً والآن فانه يعجز عن المقارنة. يقول: أصبحت المحلات بمختلف نشاطها متوافرة، بعكس السابق.
بيوت الرفعة الشمالية آيلة للسقوط، كما يقول محمد حسين العبداللطيف (45 عاماً)، ويضيف: بيوت الطين واللبن وجذوع النخيل التي مضى على بناء بعضها أكثر من 120 عاماً أصبحت اليوم مهجورة لا يسكن فيها أحد، ونتمنى ان تزال حتى لا تتسبب في إيذاء من تبقى من الأهالي.
وفي أحد ساباطات الحي الذي لا يزال موسى القرين (75 عاماً) يجلس في محله الذي كانت يزاول فيه في السابق مهنة الحياكة، تحدث عن بناء الساباطات، يقول: حين كانت غرف البيت تضيق بأصحابها، كان صاحبه يذهب إلى جاره، ويطلب منه بناء المساحة العلوية التي تفصل بين البيتين والتي تستخدم أرضيتها كممر، فيوافق الجار بطيب خاطر على ذلك وتبدأ عملية البناء. حيث يجلب الطين من الفيصلية (أم فضيضة)، ومن قرية الفضول، والحصى من المقاطع الخاصة بها، أما الجذوع فتجلب من القرى، حيث يباع الجذع الواحد بما يتراوح بين ريال و10 ريالات.
زقاق في الرفعة الشمالية
احد ساباطات الحي