يسافر معن الصانع كثيرا, ويرى (في الأسفار سبع فوائد) أبرزها ان يلاحظ ما تشهده البلدان المختلفة من تطور في مختلف المجالات, ومع هذا فهو لا يشعر بالأمن والأمان إلا عندما يعود الى وطنه ويصبح بين أهله وأصدقائه.
ومعن الصانع ولد في الكويت ودرس بها حتى الثانوية العامة, ودفعه حب المغامرة الى السفر الى أمريكا لدراسة علوم الطيران والحصول على بكالوريوس في هذا الحقل, قبل ان يسافر الى لندن ويحصل على درجة الزمالة من معهد الإدارة العليا بها.
نشأ معن الصانع في أسرة تجارية وبدأ حياته العملية مشرفا على شركة الصانع للتعهدات العامة ونفذ عدة أعمال في مجالات الطرق وأنظمة الري والأعمال الحديدية والألمونيوم في منطقة الخليج العربي وأظهر نبوغا مبكرا في أداء هذه الأعمال التي اتفقت مع ميله الطبيعي الى العمل الحر وحبه الشديد للمغامرة المبنية على حسابات دقيقة, فهو يمزج دائما بين الجرأة والحذر ويفكر قبل ان يعمل ويراعي المتغيرات ويعمل حسابا للظروف.
تعلم معن الصانع من والده مبادىء التجارة والعمل الحر.. كما تعلم ان مكافأة المجتهد ومعاقبة المقصر هي أقصر الطرق للإدارة الناجحة.. كان هذا هو الدرس الأول الذي وعاه والتزم به في كل أعماله التجارية التي بدأها بتأسيس مجموعة سعد للتجارة والمقاولات التي اتجهت اولا للعمل في مجال المقاولات ثم اتجهت الى الاستثمار في قطاعات أخرى مثل قطاع السياحة والمجمعات السكنية والعقار وغيرها من المجالات.
وكان هذا التنويع مقصودا لتفعيل مبدأ المخاطرة فسوق العقار مثلا يتميز بكون الاستثمار فيه جيد على المدى البعيد فيما يعد قطاع المقاولات من القطاعات الواعدة عطفا على النمو السكاني الكبير الذي تشهده المملكة وارتفاع نسبة الشباب الى المجموع الكلي للسكان.
ولم يكن الاستثمار الصناعي غائبا عن تفكير معن الصانع, فهو يمثل احد قطاعات الاستثمار في مجموعة شركات سعد وقد بدأ الاستثمار الصناعي بأنشاء منطقة صناعية خاصة مجهزة بكافة المرافق والمستلزمات التي تحتاجها المصانع وتم انشاء مصنع للأثاث الفاخر ومصنع لمشغولات الألمونيوم والحديد ومصنع للرخام, فضلا عن مجموعة من المشروعات الصناعية المتميزة, وهو يرى الصناعة دائما هي الطريق الأمثل لتنويع مصادر الدخل وتقليل الواردات وزيادة الصادرات.
ودخل معن الصانع في مجال الاستثمار السياحي, ووضع نصب عينيه دائما تشجيع السياحة الداخلية ورأى ان المنطقة الشرقية بما حباها به الله من امكانات طبيعية ومعالم للتطور الحضاري مهيأة لان تأخذ دورها على خارطة السياحة المحلية والاقليمية والعربية.. كما ان اتساع رقعة المملكة وتوافر الامكانات الطبيعية والتاريخية والمناخية بها تؤهلها لتوفير سياحة متميزة للمواطن والمقيم وحكومتنا الرشيدة تشجع الاستثمار في هذا القطاع.
وحرص في استثماراته العقارية على ان تتضمن مرافق خدمية غير عادية وتجهيزات وخدمات مهمة لرجال الأعمال وعندما فكر معن الصانع في الاستثمار في المجال الطبي فان أول ما كان يشغل باله هو تقديم خدمة علاجية راقية بأسعار مناسبة, فأنشأ مؤسسة سعد الصانع لتقويم النطق والسمع للأطفال المعاقين, وهي مؤسسة خيرية تقدم خدماتها للأطفال المعاقين بدون مقابل, ثم أنشأ بعد ذلك مركز سعد الطبي ليوفر الرعاية الصحية من خلال نخبة متميزة من الأطباء ويتبادل الخبرات الطبية من خلال اتفاقيات دولية مع مراكز طبية ذائعة الصيت, ويستخدم أحدث التقنيات الطبية ثم عقب ذلك أنشأ مستشفى سعد الطبي الذي يضم أحدث التخصصات الجراحية والعلاجية ويواكب أحدث التقنيات العصرية المتخصصة.
ودخل معن الصانع مجال الاستثمار في قطاع التعليم الأهلي وأنشأ مدارس السعد الأهلية التي طبقت أحدث نظم التعليم, وحرصت على اختيار مدرسيها من المتميزين, ودمجت الأطفال من ضعاف السمع والنطق في نفس الفصول الدراسية مع أقرانهم العاديين, وذلك بعد تدريبهم في مركز سعد الصانع لتقويم النطق والسمع على أيدي خبراء متخصصين في هذا المجال وحققت هذه التجربة نجاحا كبيرا. ورغم تعدد المجالات التي يستثمر فيها معن الصانع, إلا أن ذلك لا يشكل له صعوبة في الإدارة فمفهوم الإدارة واحد ولا يتغير بتغير المجالات وهي تعني التخطيط والتنظيم والرقابة.. كما انه يمنح صلاحيات كثيرة لمعاونيه بعد الاختيار الدقيق لمن يستحق ان يمنحه هذه الصلاحيات وهو يؤمن بسياسة الباب المفتوح وكثيرا ما يستدعي الموظفين الصغار لاستطلاع وجهة نظرهم فيما يخص ادارتهم ويدعو معن الصانع الشباب السعودي الى الدخول في مجال العمل الحر, واستثمار غنى اقتصادنا الوطني بالفرص ومجالات الاستثمار وتوافر الدعم الحكومي بشرط ألا يتعجلوا النجاح وان يتحلوا بالصبر وان يدرسوا تجارب الآباء والأجداد, ويتذكروا كيف بذلوا الجهد والعرق, وتغلبوا على ضعف الامكانات وقسوة الظروف وعلى رجل الأعمال الناجح ان يتسم بالصدق والأمانة والجرأة وعدم التردد ويستفيد من أهل الخبرة والعلم وان يتعلم من فشله ما يصوب به مسيرته ويصلح اخطاءه فمن يتعمل من الفشل ليس فاشلا وان ينسى تماما الفرص التي ضاعت ولا يضيع وقته في الندم على ضياعها فالفرص تتجدد واستفاد معن الصانع من دراسة الطيران فمجال الطيران غير مسموح فيه بالخطأ لان الخطأ يعني حياتك وحياة الآخرين, كما ان مجال الطيران يحتاج الى الجرأة الشديدة ويتطلب حسن التصرف وسرعة البديهة والقدرة على التصرف الهادىء في أصعب المواقف وأحرجها ولم يندم أبدا على تركه لمجال الطيران, لان الندم ليس من طبعه, ولان نجاحه كرجل أعمال عوضه عن ذلك ولان على الانسان ان يختار المجال الذي يتناسب مع ميوله واستعداده وامكاناته.
ويؤمن معن الصانع بالمسؤولية الاجتماعية لرجل الأعمال ويرى انه الوطن الذي اعطانا الكثير يحتاج منا الكثير, ولا بد ان يستشعر رجل الأعمال احتياجات محيطة ومجتمعه وان يبادر دائما الى فعل الخير وأبواب الخير كثيرة ويعرفها الجميع ويحرص على حضور المناسبات العائلية والاجتماعية لان ديننا يدعونا الى صلة الرحم.
ولو عاد الزمن لـ(معن الصانع) الى الوراء لاختار نفس الطريق التي سلكها ورغم انه يرأس مجلس ادارة مجموعة كبيرة من الشركات في مجالات متعددة فهو يرى ان الانسان يجب ان يمتلك قدرة لا نهائية على الحلم فالحلم هو الوسيلة الوحيدة التي تساعده دائما على الابداع والتطوير وهو ما يحتاجه دائما رجل الأعمال.
