الندوة العالمية للشباب الاسلامي التي تأسست بمرسوم ملكي اصدره جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز ال سعود ـ يرحمه الله ـ في عام 1392هـ/1972م لتكون اول هيئة عالمية اسلامية متخصصة في شؤون الشباب السلامي. دخلت مرحلة جديدة في المؤتمر العالمي التاسع للندوة الذي عقد في الفترة من 23 الى 26 شعبان 1423هـ (10/29 الى 2002/11/1م) وذلك بتبنيها هدفا استراتيجيا ليكون محور ابحاث المؤتمر وهو: (الشباب والانفتاح العالمي).
وحيث ان اهداف الندوة التي تحددت في الماضي تتمحور حول الشباب المسلم وهي تتلخص في الاتي:
ـ خدمة الفكر الاسلامي.
ـ العمل على تعميق شعور العزة الاسلامية بين صفوف الشباب المسلم.
ـ تعميق اسباب الوحدة الفكرية الاسلامية بين الشباب.
ـ العمل على تعريف العالم بالاسلام.
ـ تمثيل الشباب والطلاب المسلمين والتعبير عن مشاعرهم.
ـ دعوة المنظمات والجمعيات العلمية والثقافية والمهنية الخاصة بالشباب المسلم ورعايتهم في جميع انحاء العالم ومساعدتهم.
ـ الاسهام في الجهود الرامية الى تنسيق العمل الذي يقوم به الشباب المسلم افرادا ومؤسسات.
ـ توضيح دور الشباب المسلم الايجابي في بناء المجتمع ومؤسساته.
ـ توجيه الشباب المسلم لتكوين المنظمات والمؤسسات.
ـ الاهتمام بالطلاب المسلمين النابهين ورعايتهم ماديا وثقافيا.
ولاشك ان الندوة عملت على تحقيق هذه الاهداف الجليلة من خلال مكاتبها المنتشرة داخل المملكة وفي جميع البلدان العربية والاسلامية. وتعمل هذه المكاتب بشكل فاعل على تنفيذ خطط الندوة وسياساتها وبرامجها العديدة في خدمة الشباب المسلم في المناطق التي تعمل فيها.
ومن اهم برامجها:
ـ البرامج الارشادية والدعوية.
ـ البرامج التعليمية والتربوية والتأهيلية.
ـ البرامج الفكرية والاعلامية.
ـ البرامج المساندة الاجتماعية والاغاثية.
ويندرج تحت كل برنامج العديد من الانشطة والفعاليات. وقد عقدت الندوة العالمية للشباب الاسلامي منذ تأسيسها تسعة مؤتمرات عالمية شارك فيها العلماء والباحثون واصحاب الفكر والمثقفون.
ويأتي المؤتمر العالمي التاسع للندوة حول: (الشباب والانفتاح العالمي) ليضع تصورا علميا وفكريا للانفتاح على العالم واهمية هذا الانفتاح وقضاياه الفكرية والعقائدية والسلوكية وايجابياته وسلبياته وهو موضوع حيوي هام للانطلاق نحو آفاق واسعة من التعامل والتفاعل مع الثقافات والحضارات الاخرى السائدة في عالم اليوم تعاملا ايجابيا وتفاعلا بناء في اطار (حوار الحضارات) التي ينادي بها الدين الاسلامي الحنيف في منهجه نحو تحقيق الاهداف الخيرة والتعاون بين الشعوب على البر والخير والتعايش ا لسلمي وتحقيق الامن والسلام. ان الشباب والانفتاح على العالم يعتبر هدفا استراتيجيا تحتمه مصلحة الاسلام والمسلمين ومدخلا ثقافيا وفكريا نحو عهد جديد من الفهم الواعي والافق الفكري الواسع بين الاسلام وحضارة المسلمين من جهة وبين الحضارات الاخرى والاديان في العالم.
ومن شأن هذا الانفتاح الايجابي للشباب المسلم عالميا ان يضع منهجا جديدا للدعاة المسلمين وآلية للعمل الاسلامي مبنية على المنهج الاسلامي وهو منهج الوسطية والاعتدال والاعتراف بالانسان الاخر في التعبير عن رأيه والتعامل معه في اطار سماحة الاسلام وفي حوار راشد وقول سديد. قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
وفي جدلية علمية بعيدة عن الغلظة والشدة والعنف والتطرف قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي احسن) وقال تعالى: (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). وفي معرفة كاملة عن الاخرين وكيفية التخاطب معهم في لين من القول وادراك عميق للعوامل النفسية والاجتماعية والفكرية والخصائص الانثروبولوجية وبلغته. لان الجهل من قبل الدعاة بهذه الامور الحيوية تعيق الانفتاح على العالم وتؤدي به الى الفشل الذريع. ان التعارف بين الشعوب والامم هو هدف من اهداف الاسلام العظيمة قال تعال: (..وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم).
كان برنامج المؤتمر التاسع للندوة وما توصل اليه من توصيات يعتبر ناجحا بكل المقاييس وقد عالج المحاضرون والباحثون والمشاركون بمداخلاتهم الكثير من الامور الهامة الحريصة على الارتقاء باساليب الانفتاح ووسائله. ولقد تشرفت بحضور جميع فعاليات المؤتمر. ولست بصدد ذكرها هنا ولكن من اهم المحاضرات:
ـ محاضرة معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز ال الشيخ، وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد وهي: (الشباب وواجب الدعوة في عصر الانفتاح العالمي) ومعاليه يدرك عن علم وفهم قضايا العالم المعاصرة وكيفية التعامل معها.
ـ محاضرة معالي الدكتور عصام بن احمد البشير وزير الثقافة السوداني وهي: (منطلقات اساسية لخطاب اسلامي معاصر، وقد اوضح بشفافية فكرية وعلم واسع معالم الخطاب الاسلامي وما فيه من اختلالات على الصعيد الاقليمي والعالمي. وقد استقطب في محاضرته الكثير من الامور ذات الاهمية القصوى. ويتجه رأيي الشخصي الى التأكيد على اهمية وجود آلية واضحة المعالم لتحقيق الانفتاح على العالم لانه لم يتطرق اليها احد ومعظم ما جاء في هذا المؤتمر هو اراء نظرية تعتبر في غاية الاهمية لانها تضع اطارا نظريا للآلية الفعالية لتحقيق هدف المؤتمر الاساسي وهو الانفتاح العالمي للشباب الاسلامي. على ان البحوث والطروحات الاخرى تسهم بقدر وافر من المعلومات والافكار المفيدة. واذا ما اريد اعداد آلية مرنة واضحة للتنفيذ فلابد من تكوين فريق عمل يتكون من بعض المشاركين في المؤتمر وخاصة معالي الدكتور عصام البشير الذي تكونت لديه خبرة كبيرة اثناء عمله في اوروبا ولديه سعة اطلاع على الطرف الاخر من معادلة الانفتاح على العالم واساليب التعامل معه وتوجيه الخطاب الاسلامي له. بما يحقق اهداف المؤتمر. وفي الختام اتوجه بالتقدير والثناء للندوة العالمية للشباب الاسلامي والى العاملين في مكاتبها واخص بالذكر مكتبها الاقليمي بالمنطقة ممثلا برئيسة الدكتور عبدالرحمن الربيعة، الذي يبذل جهودا واضحة في تنفيذ برامج الندوة في مكاتبها بالمنطقة الشرقية وفروعها في الاحساء والجبيل وحفر الباطن. وبارك الله في العاملين فيها.