DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

عمرو بن كلثوم يقود سيارة!

عمرو بن كلثوم يقود سيارة!

عمرو بن كلثوم يقود سيارة!
أخبار متعلقة
 
تحظى ادبيات و اخبار (التفحيط) باهتمام بعض وسائل الاعلام، بل انها تحتل حيزا ما على الانترنت، فعالم التفحيط، او عالم السيارات كما يحلو لبعضهم ان يطلق عليه، حافل بالاثارة والغرابة والقصص المضحكة المحزنة. هنالك مواقع على الانترنت، يعرفها هواة التفحيط ومحترفوه على السواء. وسيجد متصفح تلك المواقع اقساما خاصة باللقطات مزودة بصور فوتوغرافية وعروض بالصوت والصورة لحركات سيارات المفحطين. وسيجد في بعض المواقع اقساما لحوادث التفحيط، ولعل عشاق تلك الهواية القاتلة يعتبرون تلك اللقطات جزءا من الانجازات. كما توجد منتديات تدور دردشاتها حول ادبيات تلك الرياضة الغريبة، حيث يستعرض المسامرون العضلات، ويباهون بالانجازات، ويلوحون لبعضهم بالقبضات، ولن تحتاج الى خيال واسع كي تتصور لغة تلك الحوارات. هاهنا ـ كما يرى سبنسر ـ طاقة زائدة، لكنها تسلك اتجاها آخر خاطئا للتنفيس عنها، تسلك اتجاها يجعل من وسيلة النقل اداة للتسلية القاتلة احيانا. وسيجد من يتابع هذه الادبيات قاموسا من الحركات: كحركة السلسلة والعقدة والتجديع والاستفهام و(الريوس) والتخميس. وليعذرني الراسخون في هذا العلم، والضالعون في ادبياته، اذا كانت معلوماتي في هذا الحقل قليلة متواضعة، لكنها على اية حال، كافية لانجاز هذا المقال. سيجد المتابع قاموسا تفحيطيا لم يتسن لابن منظور ان يضيف مفرداته الى مؤلفه العظيم (لسان العرب). وما دمنا قد ذكرنا ابن منظور، فلابد من الاشارة هنا الى انني لم اعثر على الفعل (فحط). ولعل الكلمة تصحيف لكلمة (فحص) فالدجاجة تفحص التراب برجليها وجناحيها، ولكن الدجاجة تفعل ذلك لهدف واضح محدد هو تدشين مشروع بيضة. وربما فحص الحمار بحافره الارض ليحرك دورته الدموية. او ليقف على اطلال اتان قد مرت ذات يوم على الموضع ذاته، وما زال اريج ذكراها فواحا. وقد يجد من يتأمل ادبيات التفحيط الترف والفراغ والفشل والتهور جميعها تسعى على اربع عجلات او ثلاث واحيانا على اثنتين حسب مهارات المفحطين، وقد لايجد ذلك البتة. نقول: الترف لان الشباب المفحط غالبا ما يحصل على السيارة دون عناء، وما يأتي بسهولة يذهب بسهولة، كما يقول الانجليز، او كما يقول العرب (مال تجلبه الرياح تأخذه الزوابع). وما اكثر ما تجرف زوابع التفحيط في طريقها من ارواح واموال وممتلكات واوقات ثمينة يمكن استغلالها في شيء ممتع او نافع. اجل، لو كان الشاب قد تعب او شقي في تحصيل قيمة السيارة لما انهكها تدويرا وتخميسا وتجنيطا، ولو كان ينوء تحت وطأة اقساط شهرية لما اساء معاملة سيارة فاخرة في جمال واناقة وبهاء (عروس من الزنج عليها قلائد من جمان). واذا كان اللعب تدريبا على اكتساب المهارات، وتنمية القدرات، وتشكيل الخبرات فالتفحيط مهارة متواضعة لا تصقل الذهن، ولا تشحذ المخيلة، ولا تخلق لياقات بدنيةـ واذا كان اللاعب مرتبطا بالمتعة والمرح فاية متعة تلك التي تعرض اصحابها والآخرين للموت او الاعاقة؟ واية متعة تلك التي تحف بها المآسي، وتصاحبها الالام. واذا كان اللعب محاولة للتعلم والاكتشاف فتلك هواية لا تهدف الا الى الاثارة. ذلك هو (لعب) الصغار، اما (جد) الكبار فحدث عنه ولا حرج. اذ ستجد من السلوكيات المرورية مالا عين رأت ولا اذن سمعت، وستجد شروخا كبيرة في وجه الاسفلت تتسع وتتسع لتصبح فجوات كبيرة، بحجم الفجوة بين المادي والثقافي في حياتنا الاجتماعية. يقول السائق عمرو ابن كلثوم في نونيته الشهيرة مفاخرا بانتصاره على اشارات المرور ولوحات الانضباط التي انتجتها التقانة الغربية:==1== ونجتاز الاشارة وهي حمرا==0== ==0==ونهـــــزأ بانضباط السائقينا==2== ولايعرف صاحب النونية الوظائف الحقيقية للبوق، ولذلك فانه لا يستخدم البوق المناسب في المكان والزمان المناسبين، بل يستخدمه كيفما اتفق، ودون اهتمام بهدوء الآخرين فيقول لا فض بوقه:==1== ونوقظ بالزمير الناس فجرا==0== ==0==ونزعج في النهار الهادئينا==2== فاذا جاء الشتاء، وصارت الشوارع بحيرات من الماء، وامتزجت الاتربة بالشحوم والزيوت، وحولتها عجلات السيارات العابرة الى وحول، فان صاحب النونية الشهيرة لا يخفف من سرعته، مراعاة للمشاة من اخوته، بل يقول مفاخرا:==1== وان تمطر نرش الوحل رشا==0== ==0==على اثواب كل العــــــابرينا==2== ولا ينسى صاحب النونية ان يشير بخيلاء الى ما ينفثه عادم سيارته الوانيت من ادخنة تلوث البيئة، وتضر بصحة الآخرين حتى ان سائقي السيارات التي خلفه لا يستطيعون بسبب سحب الدخان المتصاعدة ان يعرفوا ما يخبئه لهم الطريق من مفاجآت فيقول:==1== متى انطلـــــق (الوانيت) بنا نفثنا==0== ==0==دخانا في صــــدور العالمـــــــــينا اذا (الشكمان) اعمى الربع تاهوا==0== ==0==فيما يدرون مــــــــــــــــــاذا يتقونا==2== لكن يبدو ان احوال عمرو بن كلثوم المادية قد تحسنت بعد الطفرة الاقتصادية، فاستبدل الوانيت بسيارة فخمة فاخرة، فصار يتعالى بها على الآخرين ويعيرهم بقوله:==1== ونركب ان ركـــــبنا اليوم بنزا==0== ==0==ويركب غيرنا جحـــشا حرونا وان رمنا من الاسـواق شيئا==0== ==0==انخــــــــــــــنا بنزنا انى رأينا==2== اما لوحات الدوار، التي تؤكد ان احقية السير للقادم من اليسار، فان الرجل لا يمنحها اي اعتبار، والويل والدمار لمن يعترض طريقه في الليل او النهار، ولهذا فهو يحذر قائلا:==1== اذا الدوار لاح لنا انطـــــــلقنا==0== ==0==لنعبر او لنصـــــــدم من يلينا وما جدوى الفرامل عند قوم==0== ==0==وقد الفوا (الكلكس) مزمـرينا==2== ويرى عمرو بن كلثوم زماننا هذا ان الحوادث له عادة، فهو اما صادما واما مصدوما، ويعبر ابو الحوادث عن ذلك بقوله:==1== فان نصدم فصدامون قدما==0== ==0==وان نصدم فغير مصــدمينا==2== وختاما لابد من الاعتذار للشاعر عمرو بن كلثوم الذي عارضت نونيته الشهيرة بهذه الابيات الضاحكة، ذلك ان عنترياتنا قد تغيرت مضامينها وغاياتها، ولكل عصر لغته واهتماماته الخاصة.