لم يكن ذلك الفضاء بين المساكن في حارتنا القديمة سوى الرابط الذي يربطنا مع كل ابناء (الفريج).. فضاء كنا نطلق عليه (براحة) والبراحة لم تكتف بان تكون متنفسا للمساكن المتلاصقة بشدة لدرجة الالتحام، بل كانت المكان الذي يشكل شخصيات ابناء الحارة ويشكل علاقاتهم المستقبلية، كما انها المكان الذي يجمع رجال الحارة في المناسبات.. ربما يسأل بعضنا نفسه: ماذا تبقى من (البراحة).. في حاراتنا المعاصرة.. لم يعد لذلك الفضاء الصغير والبسيط الذي يتشكل عند تقاطع الطرق البسيطة في حاراتنا القديمة.. لم يعد للحارة ذلك الدور في تشكيل شخصيات ابنائها ولم تعد الساحات تحدد العلاقات المستقبلية لسكانها.. لقد اصبح كل منا يشكل علاقات بعيدا عن الحارة، ولم يعد للجار تلك المكانة.. ساحاتنا لم يعد لها تاريخ ولم تعد لها ذاكرة.. الصورة لاحدى الساحات في لاديفانس بباريس تبدو خالية وكئيبة ككل الساحات التي انتقلت لنا من الغرب دون ان تحترم الانسان وخصوصيته مثلا.