أنت كاتب منحتك الجريدة ثقتها، وحددت لك مكانا معينا في أيام معينة لتكتب بها ما يخدم القارىء، ما يخدم المصلحة العامة، ما يثقف المتلقى، ما يلقي ضوءا أو أضواء على تفكيرك، وموقفك من الحياة والناس.. من الوجود والعدم.. من الجد والعبث ومن أشياء كثيرة تراها او يراها غيرك بحاجة الى النقاش والحوار، وإبداء الرأي.
هذا ما يتوقعه القارىء منك، القارىء الذي منحك ثقته لعله يجد فيما تكتب انعكاسا لهمومه اليومية، أو طرحا جادا لقضايا العصر، وإشكالاته المتشعبة، لكن ماذا سيقول القارىء عندما يجدك تهتم بقضاياك الشخصية اكثر من اهتمامك بقضاياه، عندما تنشر رسائل المديح التي تصلك من قارىء مهما بلغت درجة اعجابه بك، فان المسألة لا تخرج عن كونها قضية شخصية بحتة، أو عندما تنشر قصائد المديح التي تتغنى بجرأة قلمك وانهمار غيثك (هكذا) وكأنك المفرد العلم بين حملة القلم، ومرة اخرى فأن المسألة لاتخرج عن كونها قضية شخصية بحتة كما قلنا، والقضايا الشخصية لاتهم القارىء.
هل يعني هذا المؤشر افلاسا فكريا يدفعك الى ملء زاويتك بما يتوافر من مادة لا تسمن ولا تغني من جوع؟ أم أنك تود أن تثبت لنفسك أنك مقروء مقروء مقروء؟ أم أن الأمر لا يخرج عن نطاق الاستهانة بوعي القارىء وتمرير بعض ما يتوافر انطلاقا من تلك الاستهانة بوعيه؟.
هناك كتاب مبدعون الفت عنهم الكتب وقدمت عنهم الأطروحات العلمية، ومع ذلك فان احدهم لا يجرؤ على نشر ما قد يحمله له البريد العادي أو البريد الالكتروني من رسائل المدح والاشادة لماذا؟ لأن هذه أمور شخصية أولا، ولأنها لا تعني القارىء ثانيا، ولأن احترام القارىء يفرض عدم الزج بالأمور أو العلاقات الشخصية في كتاباتك، المحسوبة عليك سلبا أو ايجابا.
هذه كلمات مخلصة لانقاذك يا أخي من السقوط في هوة حب الذات، أو التباهي، أو اقناع الآخرين بأهميتك ككاتب، مع أنك تملك كل مقومات الكاتب الناجح إذا تخليت عن هذه السقطات المشينة.
وقديما قيل: إذا بليتم فاستتروا.
والله المستعان.