تناولنا موضوعيا بالجزء الاول من هذه المقالة النزاعات الجدلية حول التوصل الى مفهوم محدد لمصطلح التدريب وكنا قد ذكرنا ان تأثير هذه النزاعات طال معاني هذا المصطلح اذ وعدنا في نفس الجزء ان نقف على هذه النزاعات ونضع خطا فاصلا من مرحلة التدريب قبل الخدمة وبعدها.. وهنا قد يتساءل القارئ عن الفرق بين التدريب على مهنة او وظيفة؟ ان التدريب ما قبل الخدمة على مهنة متاحة قد يكون اشمل واوسع من حيث امتلاك المهارات والمعارف والاتجاهات نحو هذه المهنة في حين ان التدريب ما قبل الخدمة لوظيفة محددة قد تكون لجهة معينة وهذا النوع من التدريب يعقب التدريب على مهنة اذ يساعد الفرد على امتلاكه لمعارف ومهارات واتجاهات لوظيفة محددة لجهة معينة. فلو اخذنا مثلا ان شابا حصل على بكالوريوس في علوم الفندقة وتم تأهيله من قبل المؤسسة التعليمية على وظيفة مدير الاستقبال في مهنة الفندقة ولكن عندما يرغب بالعمل في فندق خمسة نجوم قد تكون متطلبات الوظيفة تختلف عن فندق اقل منه مستوى لذا فاحتياجات الوظيفة تختلف مما يترتب عليها الاختلاف في مستوى التدريب.
التدريب التعاوني هو مصطلح آخر تداخلت معانيه مع معنى المفهوم الشامل للتدريب اذ يذهب البعض الى ان هذا النوع من التدريب هو نوع من انواع التدريب ما قبل الخدمة. اذ يذهب البعض الى ان التدريب هو تلك الفترة التدريبية التي تتراوح بين 3 - 4 اشهر يقضيها الطالب في مواقع العمل الفعلية اثناء دراسته في المؤسسة التعليمية من اجل تطبيق ما اكتسبه من معارف ومهارات على واقع العمل الفعلي. وبهذا التعريف لا يمكننا ان نطلق على هذا النوع من التدريب انه تدريب ما قبل الخدمة.. ابدا فهو ذلك المتطلب الذي يعين الطالب على تطبيق معارفه ومهاراته على الواقع الفعلي ولا صلة له باعداده لمهنة او وظيفة محددة.
الفقرات السابقة اكدت لنا التفاوت في تحديد مفهوم محدد لمصطلح التدريب خاصة كما اوضحنا بان هذا التفاوت لم يقتصر فقط على الدلالات انما تجاوزها الى الاهداف وهذا ما تبين لنا من خلال التركيز على مستوى واحد في عمليات التدريب كالتدريب اثناء الخدمة على سبيل المثال وتجاهل المستويات الاخرى من التدريب او اخذ مفهوم التدريب التعاوني على انه تدريب ما قبل الخدمة. ان ما توصل اليه الكاتب باننا امام خلط كبير في المفاهيم والمصطلحات على حد سواء الامر الذي يحتم وجود تعريف محدد لمصطلح التدريب.
اما التعريف الذي استخلصه المؤلف من قراءاته المختلفة وتحليلاته للادبيات المتاحة ويرى انه يستوفي كافة مراحل التدريب بمفهومه الشامل فهو:
ان التدريب منظومة تدريبية متكاملة تشتمل على مرحلتين اساسيتين هما على النحو التالي..
المرحلة الاولى.. مرحلة التأهيل وتنقسم هذه المرحلة الى قسمين:ـ
ـ التأهيل المهني: وهي الفترة التدريبية التي تعقب فترة التخرج وتبنى على احتياجات مهنة محددة.
ـ التأهيل الوظيفي: وهي الفترة التدريبية التي تعقب فترة التخرج واحيانا فترة التأهيل المهني وتبنى على احتياجات وظيفة محددة لجهة معينة يتم الاتفاق بشأن احتياجاتها مستقبلا وعادة ما تنتهي هذه الفترة بالتوظيف.
المرحلة الثانية.. التدريب اثناء الخدمة المدنية: وهي كافة المناشط الرسمية وغير الرسمية ومنها التطوير الذاتي والذي يخضع لها الفرد اثناء فترة عمله بهدف تطوير معارفه وتحسين مهاراته ومواقفه من اجل اداء عمله.
ولكي تكتمل الحلقة لابد لنا ان نقف على موقع التعليم من مفهوم التدريب الشامل اذ ان التعليم بلا شك في موقع اختلاف مع التدريب. على اية حال فالتعليم يتمثل في مرحلة الاعداد وهي الفترة التدريبية التي يقضيها الفرد في المؤسسة التعليمية بهدف الحصول على مؤهل تعليمي. ويتضح من هذا التعريف ان التعليم يسبق التدريب بكافة مراحله. والتعليم يختلف عن التدريب كونه يرتبط عادة بمرحلة تعليمية يقضيها الفرد كما ذكرنا بالمؤسسة التعليمية ولم يلتحق بالعمل واذا التحق بالعمل فما يتبع ذلك يطلق عليها تدريب حتى وان كانت بهدف الحصول على مؤهل اعلى من الدرجات العلمية فيظل على رأس العمل.
ولكي نوضح الفرق بين التعليم والتدريب فالتعليم عادة اهدافه عامة ويكون اوسع نطاقا ويهدف الى تطوير الفرد بصفة عامة اجتماعيا وفكريا واعداده لاداء مهام متعددة في المجتمع او في مهنة معينة اما التدريب فهو مصطلح شامل يشير الى جميع النشاطات المؤدية لتطوير المعارف والمهارات والسلوكيات وهو على اية حال يوجه الى اكساب الفرد نشاطات ومهام محدودة لذا فهو يتصل بالعملية التي يمكن فيها تحديد نتائج التدريب على انها نوع من الاداء والاستجابة السلوكية فانه لم يكن بالامكان تحديد سلوك معين او اذا كان من المتوقع ان يغير الفرد سلوكه الى نطاق متنوع من المجالات عندئذ فان العملية تدعى تعليما.