"إن راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج، ولذلك أسباب دينية، وأسباب طبيعية، وأسباب عملية، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين، وأما من سواهم فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه، فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالا ومآلا".
تلك كانت سطورا من مقدمة كتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله.. وهذا الكتاب صغير في حجمه وقليل في عدد صفحاته التي لا تتجاوز 32 صفحة ولكنها تزخر بالعلم النافع بإذن الله.
ولقد لخص الشيخ ـ جزاه الله خيرا ـ تلك الوسائل في عدة نقاط هي ـ بشيء من التصرف ـ الإيمان بالله والعمل الصالح، فالإيمان لا غرم فيه بل كله غنم.. والمؤمن كل أمره خير في السراء والضراء.. شكرا وصبرا. وتوكلا واحتسابا.
ومن الأمور الهامة والجديدة في عرض بعض ثوابت الإسلام: ان من الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق الاحسان الى الخلق بالقول والفعل.
وأنواع المعروف. ويقول الشيخ: وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم.. ولكن للمؤمن منها اكمل الحظ والنصيب وتلك نقطة نحتاج الى تأملها والعمل بها فليتنا نفعل!! واستمر الشيخ في سرد أسباب دفع القلق فذكر أن منها اشتغال القلب والجوارح بعمل نافع أو علم نافع ومنها اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في المستقبل وعن الحزن على الماضي فيكون العبد ابن يومه فيصلحه.
ومن أسباب دفع الهم والحزن ايضا كثرة ذكر الله تعالى والتحدث بنعمه حمدا وشكرا.
والنظر الى ما هو دون العبد من الناس لا النظر الى ما هو أو من هو فوق.. فإنه أجدر ألا يزدري نعمة الله عليه.
ومن الأسباب أيضا توقع أسوأ الاحتمالات وتوطين النفس على ذلك. والاعتماد على الله وحسن الثقة به وهذا ـ كما يقول ـ مشاهد ومجرب، ومن أعظم العلاجات ـ كما يقول الشيخ ـ قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات.
أقول: وما أكثر الانهيارات العصبية والأمراض النفسية والجسدية من جراء هذا الخوف والهلع في قلوب أبناء هذا العصر.. الذي أكاد أجزم أنه مامن إنسان يخلو من هذه الآفة.
ومن أهم الأسباب في دفع القلق والهموم هو ايمان الإنسان أن لا إنسان خلا من عيب وتوطين النفس على ذلك وقبوله في كل الناس المحيطين به.
وان حياة الطمأنينة قصيرة الأجل فلا تقصرها بالهم.. وإذا أصاب المرء مكروه وذهاب نعمة فليفكر فيما تبقى لديه من النعم ـ وما اكثرها ـ وأن حياة الفرد منا تبع لأفكاره ففكر في المفيد و(لا تمارضوا فتمرضوا).. وإن اساءة الناس اليك تضرهم ولا تضرك.. فاطلب الشكر من الله و لا تنتظره من الخلق.. فإن الله شاكر عليم. واختر من الأعمال والأفكار أنفعها وامش فيها حسب أولويتها ولا تؤجل عمل اليوم إلى غد وعليك بالدعاء في كل حال.
كما علمك رسول الهدى مثل: (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله. لا إله إلا أنت).
عزيزي القارى.. نفعني الله واياك بهذا العلم الجليل من ذلك العالم الجليل عليه رحمة الله.