ثمة تغييرات واضحة عديدة حدثت في أفغانستان منذ الاطاحة بنظام طالبان منذ قرابة عام مضى على يد تحالف عسكري قادته الولايات المتحدة.
لكن مشاعر خيبة الامل لا تزال تعتمل في نفوس قسم كبير من الافغان لانهم كانوا يتوقعون وصول المساعدات الغربية بسرعة وفاعلية أكبر. وقد بذل المجتمع الدولي وعودا كثيرة، إلا أنه لم يرتفع إلى مستوى تلك الوعود بعد حسبما يقول سيد زمان هاشمي "28 عاما" المقيم في كابول. ويضيف هاشمي لقد أغرقنا الغرب في سيل من وعوده. غير أنه يقر بأن الامور قد تغيرت منذ إزاحة طالبان عن سدة الحكم. وقسم من الشعب الافعاني، معظمه من الموظفين بالمؤسسات الحكومية عاد إلى وظائفه وتسلم بعض من رواتبه بعد أن كان قد فصل أثناء حكم طالبان. وزادت أعداد المنظمات الدولية غير الحكومية وتم إفساح المجال أمام الناس للحصول على وظائف في تلك المنظمات. كما يبدي عدد من المستثمرين الاجانب اهتماما بتجربة حظهم في أفغانستان. وبدأت الحكومة بمساعدة المجتمع الدولي مشروعات لاعمار وإعادة تأهيل البلاد. وعلى الساحة السياسية انتخب الرئيس حامد قرضاي من قبل اللويا جيرجا أو مجلس القبائل الاعلى، كما أعادت بلدان كثيرة فتح سفاراتها في كابول. وشارك قرضاي في مؤتمر دولي جديد استضافته ألمانيا بمناسبة مرور عام كامل على تشكيل حكومته المؤقتة. وكانت ألمانيا قد استضافت أيضا المؤتمر الاول الذي عقد العام الماضي وتم خلاله التوصل إلى اتفاق تشكيل هذه الحكومة برئاسة قرضاي. وشرعت أحزاب سياسية أفغانية في القيام بأنشطة في مختلف أنحاء البلاد. وهناك حرية صحافة وحرية تعبير. وتشكلت نقابات للمحامين والصحفيين والكتاب والممثلين. وأعيد افتتاح المتاحف. لكن برغم كل هذه التغيرات الايجابية فإن بعض الافغان يشعرون بفقدان الامل تدريجيا. فعقب الحملة العسكرية التي أنفق عليها الغرب مليارات الدولارات في أفغانستان توقع الناس أن يسارع المجتمع الدولي إلى أعمار البلاد. يقول عبد القيوم "35 عاما" ويعمل في تجارة العملة بعد انهيار طالبان، راودتنا جميعا الامال في أن الايام السوداء قد ولت وأن جراح شعبنا قد ضمدت. وينتقد عبد القيوم حقيقة أن معظم مناطق كابول قد دمرت، ولكن لم يتم حتى الان القيام بأي عمل لاعادة بناء المنازل التي تهدمت وهي كثيرة. كما أن التغييرات اقتصرت على المدن الكبرى مثل كابول ومزار الشريف على حد قوله. ويضيف عبد القيوم قائلا لقد ضاع منا بالفعل الامل الذي راودنا العام الماضي عندما اختفت طالبان. ويقول إننا نعيش في ظل نفس الظروف التي كنا نعيشها إبان حكم طالبان. ليس هناك مستشفى ولا طبيب في معظم القرى في بلادنا. وتشير ثريا بارليكا التي كانت عضوا بلجنة اللويا جيرجا إلى أن التغيرات الايجابية كانت من نصيب الفتيات والنساء. وتقول سمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة وصار بمقدور النساء العودة إلى أعمالهن السابقة، ولكن هذا لا يعني أننا صرنا ننعم بالسلام والاستقرار في مختلف ربوع البلاد. بل ساء الوضع الامني مقارنة بأيام طالبان. وينتقد قسم كبير من الشعب الافغاني عدم وجود حكومة مركزية قوية في بلادهم رغم كل المديح للرئيس قرضاي في الخارج. كما أن عودة أكثر من مليون لاجئ معظمهم من باكستان الامر الذي ينظر إليه دوليا باعتباره نجاحا، إنما يثير المخاوف داخل أفغانستان نفسها. فالبطالة ستؤدي إلى السرقة والفساد والفساد بدوره سيقود إلى عدم الاستقرار حسبما يرى هاشمي. يقول عبد الكريم الطاعن في السن والذي يعيش مع أفراد أسرته الستة في منزل مدمر في كابول "لقد شجعونا على العودة إلى أفغانستان وتوقعنا أن توفر لنا الحكومة المواد التي تساعدنا على بناء منازلنا". ولكن ما وجدناه هو أن كل واحد يؤمن مصالحة الشخصية وما من أحد يهتم بالفقراء من أمثالنا. من ناحية أخرى تؤكد الحكومة على ما تم إحرازه من تقدم حيث تقول وزيرة الدولة لشئون الاسرة محبوبة حق الكمال اتفاق بون تم تطبيقه، اللويا جيرجا انعقد وانتخب بحرية رئيسا للدولة وبالنسبة لدولة لا تزال الحرب تمزقها حتى الآن، فإن هذه بداية طيبة. وتضيف المسئولة الافغانية أنه لانجاز عظيم لافغانستان أن تكون بها وزارة للمرأة فقبل تشكيل الادارة المؤقتة للبلاد كان يحظر على المرأة حتى الذهاب إلى الاطباء. من جانبه يقول فضل أكبر المتحدث باسم قرضاي في سنوات غياب القانون في البلاد انهارت تماما كل البني الهيكلية في أفغانستان، ومنها بنية المجتمع. ومن ثم تعاني على سبيل المثال من عدم وجود الخبراء في مجالات عديدة. ويضيف فضل أكبر ليس أمامنا من خيار سوى تدريب جيل جديد.