الحكومة ـ أيدها الله ونصرها ـ شيدت بيوت الله في كل مكان من بلادنا الغالية من المساجد التي تقام فيها الصلوات الخمس والجمع، وركزت على راحة وطمأنينة المصلين بحيث يتمكن المصلون من استيعاب الخطبة.. فالمصلون منهم الذين هم في مستوى الأمية. ومنهم ما هو في مستوى أعلى من صفوف الأمية.. وآخرون أعلى من ذلك بكثير.وخطبة الجمعة تسمى "حصاد الأسبوع".. ولأنها تستحق هذا اللقب فان المصلين.. وان كانوا من درجة العلماء والقضاة. إلا أنهم محتاجون لسماع الخطبة وبإنصات وحضور فكري وذهني.. لأنهم.. أي القضاة والعلماء منشغلون في أعمالهم اليومية والرسمية إلا اذا ما سئلوا.. ممن له حاجة استفتائية عاجلة.. وملحة.. فان أحد هؤلاء القضاة.. او العلماء يطلب من صاحب الفتوى ان يراجعه ساعة من نهار آخر.. لتكون مراجعته لنص حديث قدسي.. او فتوى شرعية مأخوذة عمن سبقونا من سلفنا الصالح بما فيهم من قضاة.. وعلماء.. وأحيانا يعتذر ذلك القاضي.. او العالم عن اجابة ذلك السائل. من هنا فإن خطبة الجمعة هي غذاء روحي اسبوعي تتخلله النصائح والمواعظ الجمة ذات الأصول الالقائية ذات النغم الصوتي الذي يعبر عن الخوف والرجاء أمام الخالق جل وعلا.. وذلك يعود لطول خبرة الخطيب وغزارة اكتسابه الإطلاعي. المتأمل جدا في أخذ ما يفيد ويؤثر على نفوس المصلين.. ولعل التأثير النفسي يأتي من صدق ونزاهة الهدف من الإمام الخطيب الذي يسبق اسبوع الجمعة من حيث التحضير لبنود الخطبة وفق الحالات الراهنة التي يتعايش معها المجتمع السعودي في المنطقة.. والمدينة والمحافظة والقرية.. والهجرة.والخطبة وبما تحتويه من بنود وأصول دينية وفقهية.. وتوحيدية.. ومعيشية واقتصادية.. تعود أولا وأخيرا من اختيار ملقي الخطبة. ومن سابق ما أسلفت القول عنه.. فان ما هو موجود تحصيل حاصل لخطب الجمعة.. او الجمع في أيامنا الحالية.. وما هو واضح الآن.. فان أي خطيب من كافة خطباء وأئمة صلوات الجمع يخضعون لما يشبه التلقين لبنود ونقاط الخطبة من أقرب جهة مسؤولة لشؤوننا الدينية والإسلامية.. وهو ما أسماه بعض خطباء الجمع بأنه القيد المحكم.. الذي يجعل الخطيب في حيرة من أمر خطبة وحصاد الأسبوع أمام المصلين.. وهو أيضا ما يؤثر سلبا على ثقة المصلين بامامهم.. بالاضافة الى شعور خطباء الجمع بالتردد.. وضياع التركيز أثناء التحضير واعداد الخطبة.ومن خلال سطور هذا المدخل الذي لا يخلو من الصراحة والوضوح فان أمر خطب الجمع.. وما يعتري هذا الأمر من تحول علمي هابط لا يلامس المصلين بشيء من التأثير النفسي لسياق خطبة الجمعة التي يشهد اليها الرحال من مقيم القرية ومن شيخها وشابها لئلا تفوته الخطبة في جوامع المناطق والمحافظات.. والمدن..
وما يشجعني لأن استرسل للبيان عن الموضوع الهام والمهم بأن مقام وزارة الحج والأوقاف ووزارة الشؤون الإسلامية حريصتان على ما يشفي غليل ونهم المسلمين خارج المملكة..
تحاكي تلك الجهود ما سنحت فيه أيدي.. خادم الحرمين الشريفين ـ أطال الله في عمره وعافاه من كل سوء وما بذله من جهد.. ومال ومتابعة هي تلك الشموخ البارزة من المساجد والمراكز الإسلامية.. ومن حماية وصيانة لها في شتى أنحاء العالم. وتلك ظواهر تخضع في واقعها كل مكابد وجاحد.. ومغالط لتلك المعالم البارزة.. والتي لم يسبق لها التأريخ من حيث التأسيس والشمولية وفي سماع حي على الصلاة... حي على الفلاح.. في معظم بلاد العالم.. الأمر الذي جاءت معه نواحي ومعالم الطفرة الإسلامية داخل المملكة.. وبجهد مخلص من إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين بتعزيز طلبات وتوجهات بعض زعماء دول الخليج العربي بتدعيم قنوات بلادهم الشرعية.. والفضائية من قضاة وعلماء المملكة.. وهذا قليل من كثير تفخر فيه المملكة.. وما يعززه أكثر.. وأكثر وقوف ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله راعيا وإماما للمسلمين في أنحاء المعمورة ـ من نشر دور العلم والكليات والجامعات الإسلامية في أنحاء المملكة إلا اعترافا منه ـ حفظه الله ـ بعظم المسؤولية تجاه قدسية وأهمية خدمة الدين الإسلامي في تلك البقاع الطاهرة وكم أكون سعيداً بأن أتلقى الرد الكافي والشافي ـ لما أشرت اليه من معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد رئيس مجلس الأوقاف الأعلى.. ولنا في رد معاليه الوفاق والقبول.. ولاخواننا خطباء الجوامع بالمملكة السمع والطاعة وقبول النصح.. والتوجيه من لدن معاليه.
محمد الرجيعي