يبدو أن الأزمات العاصفة والمتتابعة غدت سمة لعالمنا الحاضر، فهناك مثلا التراجع في أسواق المال العالمية خلال الأسابيع الماضية.. لكن ذلك شأنهم. وهناك من المفكرين والساسة في الغرب وتحديدا في الولايات المتحدة من تصرف عقب تفجيرات 11 سبتمبر وكأنها بداية جديدة للتاريخ. والأزمات ليست بدايات جديدة للتاريخ، ولا يمكن أن تكون.. بل هي بدايات لتجارب بمعطيات جديدة، والأزمات تفرض ذاتها فتجعل التعامل معها في رأس الأجندة. أجندة الرئيس الأمريكي يسيطر عليها هاجس الإرهاب؟ أم يسيطر عليها فرض الذات.. كما حدث في التجربة الأخيرة بداية الأسبوع، في عدم محاكمة أفراد قوات حفظ السلام من الأمريكيين.. وإلا لصوتت الولايات المتحدة ضد ارسال قوات سلام الى البوسنة! وهكذا.. فلعل الأزمة الكارثية لطرف هي فرصة لتقوية الذات بالنسبة لطرف آخر. هذا ما يحدث كل يوم، مما جعل التعامل مع الأزمات، أو ما يعرف بإدارة الأزمات، علما يدرس.. وعلينا اتقانه واقامة المعاهد لتعليم ذواتنا كيف نتعامل مع الأزمات تعاملا حصيفا ناجزا.
وليس بوسع أحد تفادي الأزمات والمفاجآت، وليس مقبولا أن يعيش المسؤول بانتظار وقوع أزمة عاصفة حتى يتحرك. ومع ذلك فعلى المسؤول في المنشأة أن يدير منشأته على مستويين: مستوى راتب للأحوال العادية، ومستوى استثنائي للتعامل مع الأزمات. وبطبيعة الحال فالمستوى الأول من الادارة هو السائد، باعتبار أن الأزمات حالات نادرة. وفي عالم الادارة والأعمال لا يؤخذ بمقولة أن لا حكم للحالات الشاذة أو الاستثنائية، فهدف المسؤول هو اتقاء حالات عدم الاستقرار بشتى الوسائل والسبل تفاديا لتبعاتها.
ولذا.. تتجاوز وظيفة التخطيط وضع الأهداف ورصد الموارد في الأحوال العادية، إلى التعامل مع الأزمات تعاملا مؤسسيا. وفي هذا السياق، فمن مهام المسؤول أن يبادر لتستبق المنشأة الأحداث بوضع مواصفات لما يمكن اعتباره "أزمة"، وتشكل فريقا قادرا على التصرف واتخاذ القرار وقت الأزمات، وتحديد وتعريف مصادر المعلومات الموثوقة، وتحمل مسئولية الأزمة والتعرف على نتائجها المباشرة وتداعياتها اللاحقة وأساليب تحجيم الخسائر واستعادة النشاط لإعادة المنشأة للحالة الاعتيادية. وكلمة السر في هذا المقام هي: السيطرة على تداعيات الأزمة.. ليس أكثر.