رغم الفرحة التي تعم البيت والجيران لإنجاب الولد إلا أن كثيرا من الأمهات يفرحن، بل ويفخرن بإنجاب البنات يدل على ذلك قول احداهن وقد أنجبت عشر بنات:
آه يا حلو البنيات
عشر وأقول أقليلات
على عكس ما نراه عند العرب في الجاهلية من كراهية البنت ووأدها وهي حية كما أخبرنا بذك القرآن الكريم بقوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه هونا أم يدسه في التراب) وقال تعالى: (وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت).
فالبنت لها دور كبير في المنزل وهو مكمل لدور الأم فهي المساعدة في تدبير شؤون المنزل وهي الرحيمة بأبويها في كبرهما وأثناء حياتهما وبعدها حيث تصل وتحب كل من يحب أبويها وهي التي إن حالفها الحظ بزوج مقتدر عم الخير جميع أهلها فهي لا تنسى أبدا بيتا تربت فيه، وغالبا ماتقوم الأم على إعداد الفتاة منذ صغرها على أعمال المنزل كالطبخ والخبز والحلب وصنع الزبدة والجبن والخياطة والاهتمام بنفسها وزوجها.
فعندما تستقبل الأم ابنتها عند صحوها من النوم أو عندما تغيب عنها أثناء اللعب في الخارج مع صويحباتها فإنها تهل وترحب بابنتها وتطلب لها بطول العمر فهي نور البيت وسراجه، أما الآخرون فليس فيهم أي نور وجمال، ومن الواضح أن الأم بهذه الأغنية التي سنقرأ كلماتها بعد قليل تريد إثارة بعض أهل البيت الذين تعيش معهم بقولها (والغير ما فيه حلا) ونحن نعرف أن الأسرة الممتدة تأخذ الشكل الغالب في السابق.. ولهذا قد تحدث مصادمات بين الأم وبين الأخريات من اللاتي يعشن معها.. تقول الأغنية:
هلا هلا ويا مسهلا
طولة عمر ويا أمهله
أمينة سراجة البيت
والغير ما فيهم حلا
وعندما تبدأ البنت بالحديث فإن الأم تطلب من ابنتها أن تحدثهم بأحاديثها المسلية اللطيفة عسى البين (الموت) لا يفرق بينهم. كما أن البنت غالبا ما تسمى بمسميات لطيفة فهي الحبيبة واللبيبة أي الذكية وهي غالية جدا عند أهلها فتقول أمها لها:
حاكينا وسلينا
وعسى البين ما يجينا
يا حبيبة يا لبيبة
يا غالية علينا
من شدة إعجاب الأم بابنتها فإنها تقول: ما أحلى هذه البنت وأجمل كلامها فمن شدة ذكائها تتحدث إلى البلبول وتطلب منه أن يصوغ لها عباءة بخيوط الذهب وخلاخيل تجمل ساقيها:
يا حليلها وتقول
وتراطن البلبول
وتقول له يا بلبول
صغ لي عباة وحجول
تصف الأم في هذه الأغنية ابنتها النحيفة وتأسى لحالها، لأنها خفيفة كالريشة، تطير في الهواء وما ذلك إلا لقلة الأكل وانعدام شهيتها:
خفيفة وكنها ريشة
من قلة المعيشة
تدعو الأم في هذه الأغنية ألا تموت قبلها وتتركها وحيدة تقاسي آلام الوحدة وعادة تقول عساه ما يموت أو عساها ما تموت عندما يكون الولد أو البنت في قمة الذكاء ويأتي بما لا يقدر عليه الصغار في مثل سنه أو أن يكون فصيح اللسان. كما تدعو الأم لابنتها أن تتزوج وتنجب ذرية، ويكبر الأطفال ويتزوجون بدورهم ويكون لكل منهم بيت، أي أنها تدعو لابنتها بطول العمر:
يعلك ما تموتين
ولا عني تفوتين
يعل بنتي ما تموت
إلا ورا بيتها بيوت
جوهرة الصقر