ايه امس كنت اعلق على تفاهة النظرة والاولويات لدى العقلية الغربية, والتي تفاجئ سكان العالم الثالث مثلنا بين وقت وآخر بمشاريع وخطط عمل وكلام طويل عريض في وسائل الاعلام عن مسائل اقل ما توصف به انها غير معقولة.. الغربيون على الضفة الفنية من النهر تحررت مجتمعاتهم من صور التخلف والبؤس والامراض الفتاكة, وشيء طبيعي ان يفكروا في العالم من مواقعهم التي تجاوزت الرفاه وتبحث عن المثاليات بمعيارهم.. نحن نتصور ان مشاهد وتقارير المعاناة الحقيقية التي تضخها وسائل اعلام الغرب نفسه يوميا عن عذابات الشعب الفلسطيني تؤثر في ضمير هؤلاء الاغنياء الذين اثروا بلاشك باستعمارهم للفقراء واستنزاف ثرواتهم على مدى عقود.. ولكن يبدو انه من غير الممكن حدوث ذلك في ظل تحريف المواقف وتشويه الحقائق بأساليب عمل وسائل الاعلام الغربية التي قسمت العالم الى مناطق شر وخير.. فالفلسطيني يتحول لارهابي ولو كابد كل اشكال التنكيل والاضطهاد الاسرائيلي الذي يصبح في المقابل حارسا امينا لحماية الحضارة المتمدنة من البرابرة.. على اية حال لم اكن ارغب في تفسير الامور بمعيار المدني والبربري المتحضر والمتخلف الخير والشرير, ولكن للاسف صدقوني هذه هي اولويات المسألة.. وعودا على موضوع اضطهاد الذكور او اضطهاد الانعام المستأنسة, المسألة كما يفسرها صديقي هيمة باننا اقوام مشاغبة ومقلقة لمجتمعات الغرب المتحضرة, والجماعة هناك ينظرون لمنطقتنا العربية بعد 11 من سبتمبر تحديدا بان البشرية فيها امامهم مشوار طويل لينضجوا ويصبح من حقهم الاخذ والعطاء ومن ثم امكانية الحوار معهم.. وهذه قد تبدو لنا معضلة كأداء ان كانت قضايانا وحقوقنا المهدرة وبقوة الغرب المنتصر والمستعمر والغني ينظر لها على الضفة الاخرى من النهر بالهامشية لكوننا لم ننضج بعد.. الاكيد اننا لن نبرح مأزقنا هذا كما يرى صديقي هيمة, الا بتخلصنا من عللنا وأمراضنا والمؤسسية وتبني برامج وطنية واقعية تخرجنا من عللنا وامراضنا الفردية والمؤسسية.. وتبني برامج وطنية واقعية تخرجنا من الهامشية والاستهلاك للمركزية والانتاج.. المجتمعات المنتجة اليوم هي من يجبر اصحاب الاولويات على التعاطي باحترام مع الحقوق والمبادئ.. الحل في تغيير ما في انفسنا ورؤسننا لنضمن الدخول في حسابات الآخرين.
