الهازل ـ الجاد الذي لا تعرف صدقه من كذبه، وجده من هزله، وضحكه من تجهمه وعبوسه. هذا الانسان ـ الشفرة ـ التي لا تستطيع فك رموزها، والمبرمج بطريقة معقدة وصعبة لا يمكنك ان تصدقه او تأمنه او تطمئن اليه.
فهو ان وعد كذب، وهو رجل منصّف، تذوب احاديثه ومثله ومبادئه في منتصف النهار. وهو يرى ان له عذرا جاهزا في كل وعوده الزائفة، وهو يكذب على الناس وعلى نفسه، وتراه دائما في اول الصفوف، وعند اللزوم يتسلل الى آخر صف، ويتخفى عن الانظار تجنبا للاحراج.
وعندما تسأله لماذا تكذب؟
يجيبك بمرح وفخر: الناس تريد من يكذب عليها لا من يصدقها القول والفعل، ولا احد يقبل الحقيقة.
قلت: يا اخي هذه فلسفة غير مقبولة على الاطلاق فالكذب هو الكذب.
قال: لا هناك كذب ابيض، وكذب اسود وكذب بلا لون ولا طعم.
قلت: وايهما تفضل؟
قال: لكل حالة ظروفها، ولكني ارهب واخاف من الكذب الاسود، فهو آفة وطامة كبرى نسأل الله ان يقينا شرها.
قلت: والكذب الابيض؟
قال: هو ليس ابيض تماما، ولكنهم يسمونه كذلك.
المهم.. اكذب.. اكذب حتى تصدق انت ما تقول.
قلت له: هذه "مقولة" جوبلز وزير الدعاية النازي، الذي انتهى به الامر الى كارثة.
قال: لأنه كذب على امة بأسرها، وضلل شعبه، فكانت النهاية حتما كارثة، وهذه نتيجة حتمية للكذب الاسود.