سعادة رئيس التحرير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آمل من سعادتكم نشر المقال التالي في صفحتكم الغراء مع الشكر والتقدير
في إحدى ليال شهر رمضان المباركة ـ تحديدا الليلة السابعة عشرة الساعة الحادية عشرة والربع ـ كان الجو يميل الى البرودة , كنت بسيارتي مع احد الأصدقاء في أحد شورع محافظة الأحساء متجهين الى المنزل وبينما كنا واقفين ننتظر الإشارة الضوئية الخضراء شاهدت امرأة تنتقل بين السيارات للتسول , منظر أصبح ـ بكل أسف ـ مألوفا لدنيا اقتربت المرأة من سيارتي وأخذت بسرد الكلمات التسولية المعهودة التي تدر العطف والشفقة , وكانت عادتي عندما أمر بمثل هذه المواقف لا أعيرها أي اهتمام او تجاوب , ولكني في هذه المرة , بالذات طفح بي الكيل فاضطررت الى التحدث مع هذه المتسولة بغضب وذلك عندما رأيتها تحمل بين ذراعيها طفلا رضيعا لا يتجاوز عمره ثلاثة أشهر طلبت منها ان تتقي الله وتذهب الى منزلها سترا على نفسها وحماية لطفلها ولكنها لن تعبأ بكلامي ولم تعرني أي اهتمام . أضاءت الإشارة الخضراء فواصلت طريقي أما المرأة فوقفت على جانب الطريق تنتظر الإشارة الحمراء لتواصل مشوارها التسولي.
هذه قصة واحدة ضمن قصص كثيرة مشابهة لواقع يومي نعيشه , ستكون قصة مأساوية غير مشرفة لنا لو كانت هذه المرأة وهي تحمل لك الرضيع في الشارع العام وفي ذلك الجو البارد تستعطي لتعيل اسرتها فهل هذا هو فعلا واقع الحال؟ هل حقيقة أن مجتمعنا وصل الى هذه الحالة لدرجة أن اما تهيم في الشوارع بطفلها طلبا للزرق ؟ وهل وصل بنا الأمر أن نرى رجالا ونساء صغارا وكبارا يجوبون الأسواق يستعطفون الناس لشراء لقمة عيشهم؟ او نرى من يطرق باب منزلنا لنتصدق عليه . بالله عليكم لو زار بلدنا زائرا من بلد ما . ورأى هذه المناظر المخجلة في مجتمعنا , يا ترى ما هي ردة فعله ؟ ما هو الانطباع الذي سيأخذه عنا؟ إنني على ثقة بأنه سيتساءل في قرارة نفسه مستغربا: أين الدين والحياء أين التكافل الإجتماعي أين العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي .. أين وأين؟
عند ذلك يا ترى ماذا سيكون ردنا عليه :. هل سننفي وجود متسولين ونقول له أيها الضيف الكريم أن ما شهدته كان طيف خيال وتصورات غير حقيقية بسبب تغير الطقس عليك! ويا ترى هل سينطلي عليه هذا التبرير؟ اترك الإجابة لكم.
الحقيقة المرة أن عملية التسول أصبحت في مجتمعنا وظيفة رسمية يمتهنها مجموعة من الناس وهي في إزدياد إذا لم تتخذ التدابير والإجراءات اللازمة لوقفها والقضاء عليها , فيا ترى لماذا برزت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ في مجتمعنا . من هو المسؤول عن تفشيها ؟ ما هل الحلول الكفيلة للقضاء عليها . هناك عوامل عديدة ساعدت على تفشي التسول في مجتمعنا من بينها التالي:
1ـ ضعف الوازع الديني والمسئولية لدى المتسول.
2ـ غياب الرابط والوعي الأسري
3ـ غياب الوعي الاجتماعي
4ـ غياب العقاب الرادع
إننا لو سألنا ذلك المتسول لماذا تتسول , وطلبنا منه أن يجيب عن السؤال إجابة صادقة ولو لمرة واحدة في حياته , فستكون إجابته التالي: لقد وجدت التسول طريقة سهلة وسريعة للحصول على المال الكثير بدون عناء او تعب أو مضايقة , كل ما يحتاح اليه حفظ بضع كلمات لأستدرار عطف وشفقة الناس , وقد ساعدني وشجعني بصورة غير مباشرة المجتمع ولنقل بعض أفراد المجتمع السذج , ولم اجد من يردعني منهم او من غيرهم نعم المجتمع هو العامل الرئيسي الذي ساعد على ظهور وانتشار وتشجيع التسول من باب الشفقة أو الصدقة او دفع بلاء أو ريال أو ريالين لن يؤثرا على المصورف وإننا نقول لأفراد المجتمع عامة إن هؤلاء مساكين يحتاجون للشفقة بل نصابين يحتاجون للعقاب .. إنهم ليسوا فقراء يحتاجون للصدقة إنهم دجالون يحتاجون الى من يردعهم إنهم .. ليسوا اهلا لصدقة فهناك جميعات خيرية تستقبل الصدقات وتوزعها في محلها ولمستحقيها وبذلك يكون لك الأجر والثواب من عند الله.
وإنه بالرغم من وجود إدارة خاصة لمكافحة التسول إلا أنها مع احترامي وتقديري للعاملين فيها لا أرى لها وجودا على أرض الواقع بالصورة التي تكفل القضاء على هذه الظاهرة ودليلي على هذا القول هو وجود هؤلاء المتسولين أطفالا ونساء ورجالا من مختلف الأعمار منتشرين في كل مكان يلاحقوننا مثل الظل. ولاقد لاحظت وجود بعضهم في نفس المكان لأكثر من سنة فأين مكتب مكافحة التسول عنهم؟ هذا دليل على أن هناك خطأ في خطة العمل الحالية الذي ينتجها المكتب مما يتطلب معه إعادة النظر في هذه الخطة . وهذا يذكرني بالمقالب التي تم نشره في جريدة ( اليوم) في عددها رقم (10758) وتاريخ 23 رمضان 1423هـ بعنوان( تسول الأحساء لم تضبط أي حالة خلال شهر رمضان) مع كل الاحترام والتقدير للأخوة العاملين في مكتب مكافحة التسول في الأحساء أقول لهم لم تضبطوا أية حالة تسول خلال شهر رمان لا يعني ان المتسولين الذين نراهم لاحقوننا في الأحساء في كل مكان خلال شهر رمضان وغيره أشباح لا وجود لهم! لا أريد أن اعلق على ما تم نشره لأنه كلام بعيد كل البعد عن الحقيقة ولكني أريد ان اقول شيئا واحد فقط للأخوة العاملين في مكاتب مكافحة التسول عامة في الأحساء خاصة( إن عملكم لا يدار من وراء مكتب ) أرجو ان تعيدوا النظر في طريقة عمل المسح الذي تقومون به , ولو أنني كنت مكانكم ما نشرت خبر قبل التحقق منه احتراما لنفسي وللعمل الذي اقوم به واحتراما للقارئ الذي سيقرأ الخبر , ولكم منا ألف تحية.
هناك بعض النقاط الهامة أرفعها الى الجهات المعنية بأمر مكافحة التسول والتي أرى أنه لو أخذها في الاعتبار لساعدت على القضاء على التسول أو على أقل تقدير حصره في زاوية ضيقة جدا:
1ـ إن طبيعة عمل مكافحة التسول لا يمكن إدارته من وراء مكتب فهو عمل ميداني بحت عليه يجب تكثيف العمل الميداني.
2ـ العمل بنظام المناوبة الميدانية , حيث ان اعمل بالدوام الرسمي المعمول به في اكثر المؤسسات الحكومية والخاصة لا يتلاءم مع طبيعة العمل في مكافحة التسول.
3ـ تحديد موظف لكل منطقة يتكاثر فيها المتسولون يكون مسؤولا عنها وبهذا تنحصر المسئولية ويكون العمل اكثر تنظيما واكثر ايجابية.
4ـ المتابعة المستمرة من قبل المسئولين.
5ـ وضع خط ساخن لاستقبال بلاغات المواطنين عن اماكن تواجد المتسولين ليتم القبض عليهم في الحال.
6ـ تعزيز التعاون بين إدارة الأمن العام ومكتب مكافحة التسول.
7ـ مراجعة العقوبات المعمول بها حاليا لتتماشى مع حجم المشكلة على ان تكون العقوبات الجديدة أكثر شدة وصرامة في حق كل من يمارس هذا العمل.
8ـ القيام ببرنامج توعوي مكثف لأفراد المجتمع في المساجد والمدارس والجامعات تبين حقيقة هؤلاء المتسولين والآثار السلبية التي يخلفونها على الوطن والمواطن.
9ـ عمل نشرات ومطويات توعوية لأفراد المجتمع تبين سلبيات التسول على الوطن والمواطن وأهمية مساهمتهم في مكافحة التسول.
أخي العزيز .. لنكن جميعا على يقين وثقة بأن الفقير والمحتاج الحقيقي له كرامة وحياء وعزة نفس فمهمها بلغ به الفقر والحاجة والعوز فإنه لن يطرق أبواب المنازل ولن يقف ؟أمام المساجد , لن يجوب الشوارع ليستعطي بل سيطرق أبواب الخير الرسمية المنتشرة في ربوع بلدنا , بلد الخير والكرامة , ليأخذ رزقه الذي قسمه الله له. اما من نراهم يتسولون في أحيائنا وشوارعنا وعلى أبواب المساجد وفي الأسواق والأماكن العامة فما هم الا مجموعة (نصابين ومحتالين) غاب عنهم الدين والحياء والحس الاجتماعي والوطنية وفوق ذلك وجدوا من يساعدهم وغاب من يردعهم فلحرص على أن لا تكون من يساعدهم ويشجعهم ولكن اعمل على نصحهم وارشادهم بالتي هي أحسن , وإذا كانت حالتهم التنكرية هذه ذكرتك بواجب مساعدة المحتاجين فهذا أمر جيد , قم بعزل المبلغ الذي تريد دفعة لهم وابحث لك عن جمعية خيرية وادفع لها فهي ستقوم بإيصال صدقتك لمستحقها , وأكرر ما ذكرته آنفا إن هؤلاء المتسولين ليسوا مساكين يحتاجون للشفقة بل نصابين يحتاجون للعقاب.. إنهم ليسوا فقراء يحتاجون للصدقة إنهم دجالون يحتاجون الى من يردعهم ..إنهم ليسوا اهلا لصدقة فهناك جمعيات خيرية تستقبل الصدقات وتوزعها في محلها ولمستحقيها وبذلك يكون لك الأجر والثواب من عند الله.
بقي لي كلمة أخيرة أوجهها الى عامة أفراد المجتمع والى الجهات المختصة لمكافحة التسول والى المتسولين أنفسهم , اقول للجميع , ان انتشار ظاهرة التسول في بلدنا امتهان للدين والوطن والمواطن فلنعمل جميعا على محاربته والقضاء عليه فالمسؤولية مسؤولية الجميع.
@@ د. احمد عبد الله العبيد كلية العلوم الصحية ـ الهفوف