هذا العنوان كان لمقال كتبه أحد الأخوة في جريدة اليوم قبل فترة وقد تعرض فيه الكاتب الى نظام إدارة المرور الحالي الخاص بإحالة جميع انواع حوادث السيارات الى أصحاب معارض السيارات لأخذ تقدير بقيمة الحادث من قبل ثلاثة معارض لكي يعتمدها المرور في حل النزاع بين أطراف الحادث وكان الكاتب يرى ان أصحاب الورش أرحم بكثير من أصحاب المعارض ويحبذ العودة الى النظام السابق وهو أن يتم التقدير عن طريق أصحاب الورش , ولأنني مع غيري من الكثير ممن يوافقون الكاتب فيما ذكره ولا يرون جدوى من الاستمرار بالعمل بهذا النظام دون تعديل لأنه لا يؤدي الغرض الذي من أجله تم إقراره ولا يعطي الحقيقة في قيمة الحادث وإنما يعتبر مصدر دخل لأصحاب المعارض وحدهم دون غيرهم وبدون عناء او مقابل لهذا فإنني رغبت في المشاركة في مناقشة هذا الموضوع الحيوي الذي يهم الكثيرين وذلك لإبداء الرأي حول مبررات طلبات ونداءات الكثيرين من أصحاب الحوادث بالرجوع الى الطريقة السابقة على ضوء سلبيات النظام الحالي لأن الطريقة السابقة هي الأفضل للتغلب على الخلافات الناجمة عن عدم واقعية تقدير حادث السيارة بالأسلوب المعمول به حاليا مع أن الأكثرية قد يقبلونه على مضض مع عدم قناعتهم بذلك أو على حد قولهم أخوك مكره لا بطل وفي أحيان كثيرة يقبلون هذا النظام لرغبتهم في انهاء المشكلة بأسرع وقت ممكن بدلا من التردد على المرور لعدة أيام أو اسابيع للبحث عن احد اطراف الحادث الذي لم يلتزموا بالحضور حتى لو تحملوا شيئا من الخسارة.
ولقناعتنا بأن المسئولين في إدارة المرور دائما يتقبلون وجهات النظر بصدر رحب ويأخذون بالاقتراحات التي تسهم وتساعد على تسهيل الإجراءات المرورية لحل النزاعات ذات الصلة بحوادث السيارات دون الأضرار بأحد الأطراف.
لذا نقول أن نظام تقدير أنواع الحوادث من قبل أصحاب المعارض قد تم تطبيقه منذ مدة ليست بالقصيرة وذلك من اجل ايجاد جهة تكون المرجع في تقدير الأضرار الحاصلة للسيارات نتيجة الحوادث المرورية وهذا مقصد سليم تهدف الى تحقيقه ادارة المرور , ولكن المعروف ان أي نظام يمكن الحكم على نجاحه أو فشله بعد تطبيقه وتقدير نتائجه التي يمكن على ضوئها استبداله او تعديله او الغاؤه حسب ما يراه المسئولون وعليه فإن ما يؤخذ على هذا النظام الحالي هو كون الجهةالتي يوكل اليها تقدير حوادث السيارات وهي أصحاب المعارض هي جهة غير مؤهلة لتقوم بهذا الدور وليسوا أصحاب نظر كما هو الملطوب في من يوكل اليهم الأمر في أخذ الرأي اثناء حدوث نزاع في تقدير ثمن أمر مختلف عليه وأن الاستمرار في تنفيذه أمر يجانبه الصواب وينبغي إعادة النظر فيه والعودة الىأصحاب الورش للقيام بهذه المهمة على الرغم من وجود بعض السلبيات الا انه أقرب الى الصواب من النظام الحالي ولم يكن صاحب المقال مبالغا عندما ذكر أن نار الورش ولا جنة المعارض ـ هي المطلب.
ان لنا في طريقة المحاكم الشرعية وهي مرجعنا وقدوتنا في حل الخصومات لخير مثال على ما ينبغي تطبيقه والاقتداء به لحل النزاعات الناتجة عن حوادث السيارات حيث أن القضاة حفظهم الله عندما يرغبون معرفة ثمن شيء مختلف في قيمته مثل الأراضي أو العقارات او غيرها فإننا نراهم يحيلون الأمر الى أصحاب النظر للاستعانة بآرائهم والأخذ بها لأنهم يدركون أن أصحاب النظر هم الأدرى والأعرف دون غيرهم في تقدير الأشياء التي تكون تحت اختصاصهم ولذا يكون الحكم دائما مرضيا لأنه مبني على ما يقتضيه الشرع من العدل والانصاف بعيدا عن التخمين والتخرص , ومن هنا نقول أن أصحاب المعارض ليسوا بأصحاب نظر في تثمين أنواع حوادث السيارت وليس هذا اختصاصهم أو مهنتهم والحق انهم أصحاب نظر في تقدير قيمة السيارات السليمة قبل الحوادث فقط وأقول قبل الحوادث فقط وليس بعدها وعلى هذا فأننا نرى أن تصنف حوادث السيارات الى فئتين وهما:
الفئة الأولى: وهي الأكثر والأعم والتي تمثل النسبة العالية من بين حوادث السيارات نظرا للأعداد الكبيرة من السيارات التي تجوب الشوارع على مدار الساعة وعدم تقيد البعض بأنظمة المرور أو بسبب بعض التصرفات الخاطئة في قيادة السيارات هذه الفئة هي التي تندرج تحت الحوادث العادية التي يمكن إصلاحها ولا تصل الى مستوى انعدام السيارة والجهة المعنية بتلك الفئة من الحوادث والمرجع في تقدير قيامها هم في الحقيقة أصحاب الورش ولا أحد غيرهم وهم أهل النظر في تقدير قيمة الحادث لان هذه هي مهنتهم ويعتمد عليها نشاطهم حيث انه يمكن القول بانه لولا وجود تلك الحوادث ما وجدت الورش.
ان أصحاب الورش يملكون من الخبرة والأهلية ما يجعلنا نقتنع بتقديراتهم لأن لديهم المتخصصين في الميكانيكا والكهرباء والسمكرة وهم الذين يعرفون تمام المعرفة التلفيات في اأجزاء السيارة ويقومون بحصرها وتحديدها ويعرفون ما يمكن استبداله أو أصلاحه وتقدير تكلفه شغل اليد وبهذا يكونون أقرب للواقع والمعقول في تحديد التلفيات وتكلفتها اما قطع الغيار فيمكن تقديرقيمتها عن طريق الوكالات أو أصحاب بيع قطع الغيار حسب رغبة الطرفين ويعدها لن يكون هناك خلاف بين أطراف الحادث لأنهم قد اشتركوا في احضار التسعيرات من أصحاب الخبرة والمعرفة وهم أصحاب النظر وليس من قبل (الشريطية) أصحاب المعارض ولا سبيل لأحد بالاعتراض لكون هذا الأجراء هو الأقرب للصواب لكونه يتطابق مع الاجراء الشرعي في أخذ رأي أهل النظر والمعرفة.
كما ان هناك حالات استثنائية من الحوادث يمكن أن لا يقبل أصحابها بتقدير أصحاب الورش ولهم الحق في ذلك ويدخل تحت هذه الحالات حوادث السيارات الجديدة التي يمكن لإدارة المرور تحديد موديلاتها وكذلك السيارات غالية الثمن او النادرة التي تحتاج الى أشخاص متخصصين ولا يوجدون الا في وكالات تلك السيارات وهذه الحالات يمكن ان تحال الى وكالات السيارات المختصة.
اما الفئة الثانية من الحوادث وهي قليلة قياسا بحالات الفئة الأولى وهي الحوادث التي تكون فيها السيارة معدومة ويصعب اصلاحها أو أن تكون تكاليف إصلاحها تزيد على قيمتها قبل الحادث فتعتبر كالمعدومة وفي هاتين الحالتين يمكن تقدير القيمة من قبل جهتين غير الورش وهما أصحاب النظر الحقيقي فالجهة الأولى هم أصحاب المعارض والجهة الثانية هم أصحاب التشاليح حيث يثمن صاحب االمعرض السيارة قبل الحادث فقط ويثمن صاحب التشليح السيارة في حالتها الراهنة وهي معدومة بعدها يتم تسوية النزاع عن طريق طرح أحد الخيارين إما أن يقوم من يكون عليه الخطأ بأخذ السيارة ودفع قيمتها حسب تقدير أصحاب المعارض أو أن يدفع لصاحب السيارة قيمتها محسوم منها قيمة السيارة وهي معدومة حسب تقدير أصحاب التشاليح مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة الخطأ على ضوء تقرير المرور وانظمته .. وهنا في الفئة الثانية يخرج الموضوع من كونه حادثا الى موضوع التعويض عن السيارة.
أخيرا نسأل الله السلامة والعافية @@ ابراهيم العماري