DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

هجريات

هجريات

هجريات
أخبار متعلقة
 
دعاني صديق قديم عزيز لزيارة بيته الجديد في أحد الأحياء الحديثة والراقية بمنطقتنا التي تضم في جنباتها مبان شاهقة وقصور فارهة تزينها الواجهات المزوقة هندسيا والمطلات الجميلة وتتقدمها الأشجار المورقة وتتخللها الشوارع الفسيحة المسفلتة فسررت بتلك الدعوة وسارعت لتلبيتها وعندما قربت من ذلك الحي المميز ولاحت لي بيوته ذات الشكل الهندسي الرائع, تمنيت أن أكون من أهل ذلك الحي, وفيما كنت أبحث عن بيت صديقي لاح لي محياه وهو يقف على الباب منتظرا زيارتي بابتسامته المعهودة, مرحبا بأسلوبه الحضاري, وبعد تناول المرطبات والقهوة أخذ يصف لي معاناته في تصميم هذا البيت الرائع وكم أمضى من أيام وشهور في إعداد مخططه الذي صممه في أحد المكاتب الهندسية الفخمة بالمنطقة, بعد أن استشار فيه عددا من الأصدقاء والمهندسين والمكاتب الهندسية وقد كلفه من المال ما الله به عليم, ثم عرج بعد ذلك على جهاده في اختيار المقاول المثالي, وكم عانى في بحثه عن ذلك المقاول, ثم ذهب في سرد سلسلة طويلة من الجهد والتعب في البحث عن مواد البناء ذات الجودة والثمن الباهظ.. أما الأثاث فحدث ولا حرج عن الإرهاق والإعياء الذي أصابه في انتقاء كل قطعة أثاث في بيته, وكيف أن أم أولاده أخذته في جولة مرهقة بدنيا وماليا حول العالم المحلي والخارجي ليحدد الأثاث المناسب, وكان صاحبي عند كل مقطع في حديثه يتوقف قليلا ليقول: هكذا ينبغي أن يعيش الإنسان مكرما وبأسلوب حضاري في جميع حياته ولقد كان صاحبي محقا فيما قال فبنظرة واحدة لنوعية الديكورات والرخام والستائر والمفارش والأصباغ والأطقم المختارة تجد أنك تعجز عن أن تحصي كم من المال صرف فيها وكم جهد بذل لها وكم من وقت استهلك لتوفيرها ولو أردنا أن نستطرد لقلنا وكم ماء للوجه قد أريق للاقتراض من أجلها وكم واجب لله أو للوالدين والأولاد وللأرحام قد فرط فيه بسببها وكل ذلك من أجل أن نعيش بأسلوب حضاري وننام بأسلوب حضاري ثم نموت بأسلوب حضاري.. بعد جلسة قصيرة مع هذا الصديق العزيز بمجلسه العامر أظهر لنا فيها فنون الحضارة وأظهرنا لها فيه التهنئة والتبريك بهذا المنزل الجميل الجديد ذهبت معه في جولة قصيرة على ذلك المنزل التحفة الأنيق بعدها قررت الانصراف ولكنه أبى إلا أن يصاحبني مودعا إلى الباب وكان أسلوبه حضاريا عند التوديع عندها كانت المفاجأة عندما فتح باب الشارع حيث رأينا منظرا عجيبا ووجدنا ان الأرض تبدلت غير الأرض حيث اجتاحت تلك الشوارع المحيطة بالبيت مياه المجاري (معذرة الصرف الصحي) من كل صوب وهي تسيل سيل الأنهار براوئحها النتنة ومياهها المتسخة بالقاذروات والجراثيم وهي تتبع كل منخفض وتحاصر كل بيت وتلطخ كل مار وتؤذي كل كائن حي.. عندها التفت إلى صديقي صاحب الدار فرأيت دمعة قد في عينه وحسرة كتمت في قلبه وتعثرت في فمه كلمات نطق بها أخيرا ليقول: ضيعت المجاري مكانه بيتي الحضاري ولا حول ولا قوة إلا بالله. محمد عبدالعزيز الشيخ