المشكلة :
دعني أشكرك في البداية د. فهد على ما تقدمه من خدمات واستشارات اجتماعية تهمنا في حياتنا الاجتماعية ودعني أكون صريحاً معك فما جذبني إليك وإلى استشارتك هو اسلوبك المميز في الطرح حتى في مقالاتك وتركيزك على النقاط العملية والتي تفيد القارىء وهذا هو المهم وهذا ما أود أن اسمعه وأراه منك في مشكلتي وهي أنني انسان أوصف دائماً بعدم قدرتي على كسب الآخرين رغم حرصي على ذلك، فأنا حقيقة أواجه مشكلة حقيقية وهي ان اصدقائي قليلون جداً ولا استطيع أن أكون علاقات كغيري حتى من بداية معرفتي بهم كل ما أفعله هو السلام أول ما ألاقيهم أما بعد ذلك فلا أعرف كيف اخلف انطباعا جيدا عني لديهم. وبالمناسبة فلست لوحدي من يشتكي هذا الموضوع فأعرف كثيرين ليست لديهم هذه المقدرة رغم انهم جامعيون ومثقفون أرجوك د. فهد هل من سبيل لتدعيم هذا الجانب لدي أنني أشعر أن الجميع ينفرون مني وحتى حينما أتقرب منهم علماً بأنه لا ينقصني شيء وشكراً لك د. فهد وتأكد بأنني سوف أطبق ما تقوله لي حرفياً .
خالد الدوسري - الدمام
الرد :
لا أدري ماذا أقول لك أخي خالد وإن شاء الله نكون عند حسن الظن, عموما نعود إلى موضوعك، ما لاحظته منك أن مشكلتك الأساسية تكمن في عدم قدرتك على خلق انطباع أولى جيد في نفوس الآخرين. وهذه بالمناسبة ليست مشكلتك وأنا أتفق معك لأنني لاحظت ذلك أثناء تنفيذ الدورات التدريبية المتعلقة بمثل هذه المواضيع ووجدت بالفعل أن هذا الموضوع ليس مرتبطا بمثقف أو غير مثقف، بل هي موهبة من رب العالمين، لكن هذا لا يعني أنها لا تكتسب بالعكس فبالإمكان تطويرها لديك ولدى الآخرين بقليل من الانتباه والتطبيق وما سوف اذكره لك هو نقاط عملية حاول أن تفكر فيها أولاً وترى أيا منها لديك وأيا منها غائب عنك وحاول قدر المستطاع أخذها في الاعتبار وسوف ترى نتائج مشجعة بإن الله.
اسمعني أخي خالد إن الطريقة التي تقترب فيها من الآخرين تشكل فيها كلماتنا
وتصرفاتنا هذه النغمة الرئيسة لكل اجتماعاتنا معهم فإذا ما بدأت بالتهريج مع أحدهم مثلا، فإنه من الصعب أن يتحول اللقاء إلى مفتاح أو نغمة أخرى، أنه ببساطة لن يأخذك بجدية أليس كذلك ؟ وكل شخص في هذا العالم في انتظارك فعلا لكي تقول له ماذا عليه أن يفعل فبوسعك التحكم في تصرفاتك ومواقف الشخص الآخر إلى درجة كبيرة أن تذكرت ان تبدأ محادثتك بنفس النغمة الرئيسة التي تريد لمحادثتك ان تنتهي بها ، فإن أردت منه أن يأخذك بجدية فحاول أن يتردد صدى هذه النغمة الرئيسة منذ أول كلمات تصدر عنك وأن أردت للحادثة أن تأخذ سمة الأعمال ، عليك ان تبدأ كلامك في نبره تتفق مع الأعمال وتتناسب مع رجالها. وتذكر أن الشخص الآخر سوف يرفع بنفسه إلى مستوى المناسبة القائمة إن المشكلة الاساسية حتى في حل الخلافات والتوصل إلى صلح لكلا الطرفين هو في إيجاد نغمة موحده للتصالح ومن الأفضل لك يا خالد قبل ذهابك إلى الاشتراك في أية مناقشة أن توجه إلى نفسك هذا السؤال :
ما الذي أريده فعلاً من هذا الأمر ؟ وكيف اتمكن من تحقيق ذلك ؟ وأية حالة مزاجية التي ينبغي أن تسود الموقف ؟ بعد ذلك قم بعزف النغمة الأساسية التي نعد خشبة المسرح من أجل تقديم ما توصلت إليه.
والآن دعنا نتحدث عن كيف يمكنك خلق الانطباع الأول الجيد لدى الآخرين.
أن كل ذلك يتم من خلال معرفتك وإدراكك للتالي:
1ـ يتقبلك الناس حسب تقديرك لنفسك : فكثير من الناس يتملكهم القلق حيال ما يعتقده الناس عنهم ورأيهم فيهم. إلا أن القليلين هم من يدركون أن العالم يشكل إلى حد كبير فكرته عنا من رأينا في أنفسنا.
2ـ يخلق الكثيرون انطباعا سيئاً عنهم بلا قصد منهم : فالكثير من الناس تحكم عليك يا خالد ليس فقط بالقيمة التي تحددها لنفسك، بل القيمة التي تضعها للأشياء الأخرى ايضا مثل وظيفتك وعملك وحتى تنافسك مع الآخرين. وهناك حكمة تقول: (لا تحكم على الآخرين حتى لا يحكم الآخرون عليك) وهو نص جيد للعلاقات الانسانية ذلك أنه في كل مرة نحكم فيها على أحد الاشياء نعطي الآخرين الاشارة للحكم علينا.
3ـ إياك وانتقاد منافسيك : فهذا لن ينفعك في شيء.
4ـ دفع الناس للموافقة على ما تعرضه : ومن ذلك مثلا أنه ليس لك أن تتوقع من الطرف الآخر أن يجيب عليك بـ (نعم) إن كان ما أعددته مجرد أرضه أو شيء سلبي ويقول عالم النفس المشهور (هاري أوفر ستريت) في كتابه (التاثير على السلوك الانساني) أن أفضل طريقة استطاع علم النفس ان يكتشفها للحصول على الإجابة بـ (نعم) أو للحصول على الموافقة هي أن تضع الطرف المقابل في حالة (نعم) مزاجية أو أن تخلق الحالة المزاجية التي يمكنها أن تولد الموافقة ويمكنك أن تحقق ذلك بخلق جو ايجابي يتسم بالتكامل والثبات وليس بخلق جو سلبي يستبعد النطق بـ (نعم) .
4ـ افتراض أن الشخص الآخر سوف يفعل ما تريد : وهذا معناه ألا تطلب من الآخرين أداء أو تنفيذ عمل ما تريده أنت بل اجعلهم يؤدون مما تريده من خلال الايحاء واستشعارهم الرغبة في الأداء. وهو على اي حال افتراض هادىء ولكنه عملي جداً أنا لا أريد أن أطيل عليك وان كانت طويلة ولكن أتمنى أن يكون فيما ذكرت الفائدة، ولا تتردد في الاستفسار وفقك الله.