يكاد العد التنازلي لموعد شن الحرب على العراق يبدأ وان لم يعلن, فثمة حملة دبلوماسية مركزة بدأت الولايات المتحدة في ممارستها استعدادا لدق طبول الحرب بصوت مسموع, وثمة مؤشرات لوقوع هذه الكارثة الخطيرة التي لن تكون وبالا على العراق وحده بل على دول المنطقة بأسرها, فالثغرات التي أخذ يعلنها المسؤولون عن فرق التفتيش في ملف الأسلحة لا تشكل خرقا ماديا للقرار الأممي 1441 فحسب, ولكنها تشكل مسوغا لبدء الحرب او التلويح بها أيضا, كما ان استدعاء البنتاغون خمسين ألف جندي اضافي يشكل هو الآخر انذارا باحتمال نشوب الكارثة.
فثمة صفحات عديدة في ملف الأسلحة العراقية شبهتها باريس بانها (رمادية) بحاجة الى توضيح, وربما احتاج التوضيح الى توضيح, بما يدل صراحة على ان فرق التفتيش قد تجد نفسها دون اثباتات حقيقية بان العراق خال من أسلحة الدمار الشامل, ولا يلوح في أفق المنطقة العربية وآفاق العالم إلا التسليم بحتمية اقتراب شبح الحرب المروع بما ينشره من افرازات قاسية سوف تؤدي الى انهاك مفاصل الجسم العربي وتزجه في دائرة ضعف لن يخرج منها بسهولة, فالحرب في أول الأمر ونهايته لا تصب في قنوات مصلحة الشعب العراقي, ولا في قنوات مصالح الأمة العربية, بما يدفع للقول ان العرب مدعوون لتحرك سريع على مختلف المستويات لتدارك هذا الأمر الخطير والحيلولة دون وقوعه, فهم معنيون جميعا بتوظيف ما يستطيعون توظيفه من وسائل لنزع فتائل الحرب سواء مع الولايات المتحدة او الأصدقاء المؤثرين من الشرق والغرب, فالأزمة العراقية قابلة للحل سلما دون حرب وعلى الأمة العربية ان تقنع العالم بأهمية اللجوء الى استخدام لغة السلم, فتكاليف الحرب باهظة, وانعكاساتها على أمن واستقرار المنطقة برمتها خطيرة وفادحة.