كل الدلائل التي تلوح بوضوح في آفاق العاصمتين الأمريكية والبريطانية تنذر بأن قرع طبول الحرب ضد العراق مرهون بزمن محدد قد لا يطول, وان صرف النظر عن قرعها أخذ يدخل في دائرة التخمينات التي قد يصعب تصديقها في الوقت الحاضر, فرغم ان التقرير العراقي حول أسلحة الدمار الشامل (خيب آمال الراغبين في السلام). كما أعلن ذلك الرئيس الأمريكي, ورغم ان رئيس الوزراء البريطاني طلب من قواته المسلحة ان تكون على أهبة الاستعداد للضربة العسكرية المحتملة, ورغم ان بغداد بدأت فعليا في تطبيق حالات الانذار والطوارىء تحسبا للحرب, إلا ان ما يدور في كواليس السياسة الأمريكية ودهاليزها يوحي للوهلة الأولى بأن البيت الأبيض سعى لإجهاض القرار الأممي 1441 قبل مولده, وذلك بالاستناد الكلي على نتائج تقويم أولى لا نهائي للمعلومات قدمته بغداد عن أسلحتها قيل على الفور انه مشبع بالثغرات وهي مقولة لم تصدر إلا من واشنطن ولندن وتحفظت عليها بقية عواصم الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن خشية ان يفسر تأييد المقولة على انه تزكية لخيار الحرب, وهو خيار لا يزال مرفوضا من قبل تلك العواصم, فرغم ان القرار الأممي 1441 فسر منذ صدوره على انه أبعد شبح الحرب المحتملة ضد العراق, وفسر كذلك بانه أرجأها الى موعد غير معلوم, وفسر بانه مهد لتعاون وثيق ين المفتشين والحكومة العراقية من شأنه ان يعطل فكرة اللجوء الى القوة, غير ان هذه التفسيرات مجتمعة لا تمثل إلا مجموعة من الافتراضات التي قد تكون مجرد ورقة لربط المجتمع الدولي بخطة الإدارة الأمريكية, فرغم الجدل الدائر حول إمكانية اندلاع ألسنة الحرب من عدمها, وهو جدل له ارتباط شبه وثيق بمعلومات استخباراتية لا يراد طرحها بوضوح امام الرأي العام العالمي, إلا انه قد يبدو أقل تعقيدا من الجدل حول نزع أسلحة محرمة اذا ارتبط مباشرة بالمستقبل السياسي للرئيس الأمريكي ونجاحه بالفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض حينما تحتدم معارك الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.