DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

استقواء هنا واستنفار هناك

استقواء هنا واستنفار هناك

استقواء هنا واستنفار هناك
أخبار متعلقة
 
اذا وضعنا المبادرة الأمريكية الأخيرة في سياق مجمل الخطاب السياسي الأمريكي الراهن، وقرأناه في ضوء خبراتنا التاريخية بأمثال تلك الممارسات ظاهرة الجاذبية والبراءة، فاننا سنخرج بانطباعات مثيرة للاهتمام، يختلط فيها العبث بالدهشة والعجب! (1) المبادرة التي اعنيها هي التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في الثاني عشر من الشهر الجاري، وتلقيناها تحت عنوان محتشم ورصين هو: مبادرة المشاركة من اجل الديمقراطية والتنمية (في العالم العربي بوجه أخص) - وكان مدير التخطيط السياسي بالخارجية الأمريكية ريتشارد هاس قد مهد لتلك المبادرة. بمحاضرة ألقاها في 12/4، أي قبل أسبوع من تاريخ إطلاقها، حملت عنواناً آخر بريئاً وبناء هو: "نحو مزيد من الديمقراطية في العالم الإسلامي". ولا أظن أنها مجرد مصادفة أن يعلن باول مبادرته امام جهة لها موقفها المعادي للعرب والمسلمين هي مؤسسة التراث (هيرتيدج فاوتشدين)، في حين ألقى (هاس) محاضرته امام جهة أخرى اشد عداء للاثنين، هي مجلس العلاقات الخارجية (ايباك) الناطق باسم اسرائيل في واشنطون. عنوان المبادرة الذي تم انتقاؤه بعناية، شأنه في ذلك شأن الصيغة التي كتب بها نصها الذي يعطي انطباعاً لدى قارئه أنها من قبيل الأعمال الرسالية والخيرة التي يقوم بها الأخ الكبير الطيب، للأخذ بيد أشقائه الأصغر والنهوض بهم. لكن خبرتنا التاريخية مع القوى العظمى تعلمنا أن الأفكار المجردة والعناوين الجذابة والبريئة هي التي احتمى بها الطامعون والطغاة لتسويغ ممارساتهم. وما مصطلح الاستعمار المشتق من العمران إلا نموذج لذلك. يفيدنا في هذا المعنى كتاب السياسي الأمريكي النزيه وليام فولبرايت "غطرسة القوة"، ذكر فيه أن الحروب الحديثة كانت أسبابها الحقيقية مختلفة تماماً عن الأسباب المعلنة. وضرب لنا أمثلة عديدة لذلك، منها أن الولايات المتحدة ذهبت إلى كوبا عام 1898م رافعة شعار تحريرها من الطغيان الأسباني - ورغم أن أسبانيا كانت مستعدة لدفع ثمن باهظ لكي تتجنب الدخول في الحرب، إلا أن الولايات المتحدة لم تأبه بذلك، ومضت في مقاتلتها حتى رحلت إلى كوبا. وبعد أن تحقق الهدف المعلن، فانها لم تطلق سراح كوبا، وإنما وضعتها أولا تحت حمايتها ثم ضمتها إلى أملاكها. ثمة "مبادرة" مماثلة حدثت مع الفلبين، التي كانت بدورها تحت الاحتلال الأسباني، فقامت الولايات المتحدة بشرائها بخمسة وعشرين ألف دولار، وفرضت عليها الاحتلال. وبدلاً من أن تعترف أمريكا بأن احتلالها للفلبين كانت وراءه أطماع إمبريالية، متطلعة إلى ثروات البلاد وأسواقها، فان الرئيس الأمريكي ماكنللي لجأ إلى حيلة أخرى، فأعلن على الملأ أن الله أوحى إليه بأن من واجب أمريكا أن تنهض بعبء تربية الفلبين، ورفع شأن أبنائها وتحضيرهم وتنصيرهم، ثم ختم بيانه بإعلانه "أننا سوف نبذل قصارى جهدنا معهم، لأنهم إخواننا في الدين الذين مات المسيح من أجلهم". وهو يسخر من هذا الكلام تساءل السناتور فولبرايت قائلاً: أليس من المثير حقاً أن يكون الصوت هو صوت الرب بينما الكلمات هي كلمات ثيودور روزفلت وهنري كابوت لودج، وغيرهما من قادة الإمبريالية وروادها. (2) عندي بعد ذلك ملاحظتان على المبادرة من حيث شكلها وفكرتها الأساسية. الأولى أنها تتحدث بنعومة وحذر عن "مشاركة" من اجل كذا وكذا. الأمر الذي يعطي انطباعاً بأنها يد أمريكية ممدودة إلى حكومات وشعوب المنطقة للتعاون من اجل أهدافها النبيلة. لكن ذلك الأدب الزائد في طرح الموضوع خصوصاً حين يصدر عن الولايات المتحدة، يبعث على القلق بأكثر مما يبعث على الارتياح. لماذا؟ ببساطة لان كلمة المشاركة ساقطة من القاموس السياسي الأمريكي، الذي اعتمد لغة أخرى في مخاطبة المجتمع الدولي. ذلك أن ممارسات القوة الإمبريالية الوحيدة في العالم تقطع بما لا يدع مجالاً للشك بأنها لا تعتمد مبدأ المشاركة مع أي أحد، وإنما هي تتحرك منفردة، وتأمر فتطاع (وهو ما يزعج بعض القادة الأوروبيين). وحين تستدعي الآخرين فان ذلك يكون من باب التجمل فقط (كما حدث مع القوات الدولية في أفغانستان) - او من باب جبر الخواطر، كما حدث في حالة عرض الموضوع العراقي على الأمم المتحدة، والدعوة لإقامة "تحالف" لإسقاط نظام بغداد. بل ان الإدارة الأمريكية حين لجأت إلى هاتين الخطوتين، فانها لم تكف عن القول بأنها ستتصرف منفردة اذا لزم الأمر. تتصل بهذه الملاحظة مفارقة مضحكة تشكك في جدية المبادرة، إذ في حين جاء عنوانها مؤكداً على أنها من "اجل الديمقراطية"، فان السيد باول استهلها بالمطالبة بإزاحة الرئيس عرفات من رئاسة السلطة الوطنية. رغم انه من الزعماء النادرين في العالم العربي الذين تم انتخابهم ديمقراطياً! الملاحظة الثانية اخطر وابعد أثراً، إذ من الواضح أن الإدارة الأمريكية اختارت لا أن تراقب التطورات الحاصلة في المنطقة، ولا أن تكتفي بتوجيه النصح لمن يهمه الأمر، وإنما قررت أن تنزل بنفسها إلى الساحة - بمالها ورجالها وسلطانها - لإجراء التغيير المنشود تحت مظلة "المشاركة". ان شئت فقل انها قررت أن تراهن على تطويع العالم العربي، عبر اختطاف إرادة التغيير الحقيقية من أيدي أصحابها الأصليين، الذين يعنيهم أمر نهوضه، ويدركون اكثر من غيرهم شروط النهوض واستحقاقاته ومقاصده. الفكرة ليست جديدة تماماً، إذ باسم "المشاركة" أيضاً زحفت جيوش الاستعمار الأوروبي على أفريقيا في القرن التاسع عشر. ففي مؤتمر عقد عام 1884م، دعا إليه المستشار الألماني بسمارك لتنظيم المنافسة بين الدول الاوروبية على النفوذ في أفريقيا، قال الرجل في جلسة الافتتاح ان "الحكومة الإمبراطورية دعت إلى عقد هذا المؤتمر، انطلاقاً من إيمانها بان كافة الحكومات المدعوة لحضوره تحدوها الرغبة في "إشراك" سكان أفريقيا الأصليين في التقدم الحضاري. عبر فتح هذه القارة امام التجارة، وعبر توفير وسائل التعليم لسكانها، ومن خلال تشجيع البعثات، وكل ما من شأنه نشر المعارف، وتيسير القضاء على العبودية خاصة تجارة الرقيق". اذا رفعت اسم بسمارك ووضعت اسم كولن باول، فلن يختلف الأمر كثيراً، إذ ستظل المبادرة واحدة، باستثناء أن الأولى أثارت مسألة القضاء على العبودية، في حين أن كولن باول لم يجرؤ على إثارة المسألة، خشية احتجاج الفلسطينيين بها للمطالبة بإنهاء العبودية التي فرضتها عليهم اسرائيل، وتضامنت معها واشنطون في ذلك. (3) تحت العنوان الجذاب ومن عباءته خرجت أفكار جيدة ظاهرة البراءة، كلها تدور حول الدعم الأمريكي لتوسيع فرص التنمية السياسية والاقتصادية والتعليمية في العالم العربي. وهو أمر لا غرابة فيه كما أسلفنا. إذ من المتوقع والطبيعي أن تغلف الأهداف بغلالة من العبارات السمحة والدعوة النبيلة. وقد فضح كتاب "الحرب الباردة الثقافية" ذلك النهج، ووثق بتفصيل مذهل كيف أن أشرس المعارك والمؤامرات في الصراع ضد الاتحاد السوفيتي، كانت تتم تحت عناوين في منتهى النبل والرقة، ومن خلال منابر ومؤسسات حملت أسماء غاية في البراءة والجاذبية. بل كيف مارست منظمة أنشأتها المخابرات المركزية، وحملت اسماً جليلاً هو "الحرية الثقافية" في القيام بالعديد من عمليات الاغتيال الأدبي والقمع والإبادة المعنوية! بسبب من ذلك فلا تعليق لنا على قائمة الأفكار والمشروعات الجيدة التي تحدثت عنها اليزابيث تشيني (ابنة نائب الرئيس) التي هي عضو رئيسي في فريق "الانتداب" او "الوصاية" الجديدة على المستقبل العربي. وهي المشروعات التي تضمنت تنظيم حلقات لدراسة دور المجالس التشريعية وإنشاء مدرسة لتنظيم الحملات الانتخابية، وإصدار ترجمات عربية لكتب العلوم السياسية والاقتصاد الأمريكية ووضع برنامج لإشاعة اللامركزية في التعليم وإنشاء كلية خاصة للبنات في السعودية.. الخ. أما ما يستحق التسجيل والتعليق حقاً فهو التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز (في 16/12) وركز على الأفكار الأمريكية المطروحة للتأثير على الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي. صحيح أن تلك الأفكار ليست جزءاً من المبادرة التي أعلنت، إلا أنها تأتي في سياقها وتصب في مقاصدها. فتدعو تلك الأفكار مثلاً إلى تقديم تمويل سري لإنشاء مدارس دينية، بهدف نشر الأفكار الإسلامية المعتدلة (من وجهة النظر الأمريكية بطبيعة الحال)، وتقديم أموال للصحفيين لكتابة مقالات تخدم الأهداف الأمريكية، بالإضافة إلى العمل على مساندة قوى داخلية لتنظيم مظاهرات وتجمعات مؤيدة للسياسة الأمريكية. أيضاً، ليست جديدة هذه الأفكار. فقد سجلها ووثقها كتاب الحرب الباردة الثقافية، وعرض لنا بالتفصيل كيف اختبرت ومورست في مواجهة الاتحاد السوفيتي. لكن الجديد والمثير في الأمر أن تلك الممارسات تمت في سنوات الحرب الباردة، ثم كشف النقاب عنها بعد ثلاثة او أربعة عقود من خلال جهود الباحثين الذين نقبوا في الاف الوثائق والتقارير التي افرج عنها، لكن الموقف اختلف في حالتنا، حيث أعلن عن بعض أهم التدابير قبل وقوعها. وعرفنا الآن أن الأمريكيين سينشئون مدارس تعلمنا الإسلام، وسيدفعون أموالاً لبعض الصحفيين، وسيحركون مظاهرات لصالحهم في العواصم العربية. أي انهم سيتدخلون في تلقينا لتعاليم ديننا، وفي تشكيل إدراكنا، وفي تحريك الرأي العام وإعادة صياغته. انك اذا قارنت الطريقة الفجة والمباشرة التي يفكر بها الأمريكيون في التأثير على المنطقة وبسط سلطانهم عليها، بالأساليب التي اتبعها الإنجليز والفرنسيون، واعتمدوا فيها على الرحالة والمستشرقين وسياسة النفس الطويل، ستكتشف الفرق بين منهجين في التفكير، الأول يعتمد على القوة الغاشمة، والثاني يستخدم العقل والدهاء، وهو ما استند إليه بعض الباحثين في تشبيه الولايات المتحدة بالإمبراطورية الرومانية وتشبيه أوروبا بالإمبراطورية اليونانية. (كتاب "القياصرة القادمون" الذي ألفه الفرنسي اموري رينكور وترجمه إلى العربية قبل ثلاثين عاماً الدكتور احمد نجيب هاشم، وفي هذه النقطة حقها على نحو بديع). (4) هذا الاستقواء في الخارج يقابله استنفار ولوثة في الداخل، يعد الهوس الأمني ابرز تجلياتها. فهذه الأيام بدأت حملة تبصيم وتصوير كل من تجاوز سن الثامنة عشرة من المهاجرين الذين ينتمون إلى 18 بلداً عربياً وإسلاميا. بهدف "تحديد الإرهابيين المحتمل ظهورهم في المستقبل"، كما ذكر تقرير "الشرق الأوسط" من لوس انجليوس (نشر في 18/12). الأمر الذي أدى إلى تجمع الآلاف منهم امام مكاتب الهجرة، وأعاد إلى الأذهان تجربة القمع الذي مارسته السلطات الأمريكية إزاء اليابانيين المقيمين على أراضيها، في أعقاب الهجوم الياباني على الأسطول الأمريكي في بيرل هاربر إبان الحرب العالمية الثانية. والى جانب الإجراءات التي اتخذت للتنصت على المكالمات الهاتفية ومراقبة الرسائل الإلكترونية، أعلن قبل أيام قليلة أن السلطات الفيدرالية اتخذت 58 إجراء أمنيا جديداً في المطارات في إطار التحوط لاحتمالات الأعمال الإرهابية، أحدثها مطالبة المسافرين على الطائرات بمنع إقفال حقائبهم. لكن المثير للدهشة هو تلك القرارات التي اتخذت لتوسيع نطاق التجسس داخل الولايات المتحدة. إذ طبقاً لقانون "المعلومات الإرهابية ونظام الردع" سيتم تجنيد قرابة 11 مليون أمريكي للعمل كمخبرين، لتقديم معلومات للأجهزة الحكومية حول "أية أعمال مثيرة للشبهة" - (القدس العربي - 17/7/2002). ليس ذلك فحسب، وإنما طبقاً للنظام الجديد الذي أطلق عليه اسم "تيبس" - Tips - سيصبح كل أمريكي تحت الملاحظة والمراقبة. إذ سوف يخضع لرقابة ساعي البريد وجامع القمامة والسباك ومهندس الهاتف وسائق السيارة العمومية او الأجرة (التاكسي) - إذ اصبح كل واحد من هؤلاء مطالباً بالمسارعة إلى كتابة تقرير عن أي شيء يثير شبهته، سواء فيما يخص الشخص او مرافقيه او ضيوفه. في الآونة الأخيرة دخلت وزارة الدفاع الأمريكية على الخط. واتجهت إلى فحص المعلومات التي تتجمع لدى أجهزة الحاسوب الآلي، وتخص مئات الآلاف من الأمريكيين، في تحول وظيفي خطر يشرك الجيش في التجسس على المدنيين، وهي المهمة التي تقوم بها أجهزة فرض القانون. وهو ما دعا أحد أساتذة القانون الدستوري الأمريكي - كريستوفر بايلي - إلى رفع صوت الاحتجاج والقول أن "الارتباط المباشر لموظف عسكري بعمليات فرض القانون يعد عملاً إجراميا". وتساءل في مقالة له نشرتها صحيفة نيويورك تايمز ونقلتها الشرق الأوسط في 20/12: هل يسعون للتعرف على هوية معارضي الحرب (ضد العراق) من المتظاهرين الذين تعسفوا معهم خلال الستينيات (خلال حرب فيتنام)؟ - وهل سيكونون مستعدين لتعقب المزيد من المدنيين واعتقالهم بدون محاكمة، كما فعلوا بالأمريكيين من أصول يابانية في الحرب العالمية الثانية؟ وهل اصبح التصدي للإرهاب نوعاً من الهوس بالتحقق من أنشطة البعض، كما حدث خلال التصدي للشيوعية إبان الخمسينيات والستينيات؟ ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الجيش الأمريكي التجسس على الناس، متجاوزاً في ذلك حدود القانون. فقد فعلها في أواخر الستينيات، حيث قام سراً بجمع معلومات حول ما يزيد على مليون من الأمريكيين حسن السير والسلوك، ضمن جهد منظم لتعقب معارضي الحرب الفيتنامية وإلحاق الأذى بهم. وهي المعلومة التي كشف عنها الكاتب، الذي كان يعمل ضابطاً آنذاك في المخابرات العسكرية، حيث علم أن الجيش تعاقد مع 1500 عميل يرتدون الملابس المدنية، كانت مهمتهم مراقبة المتظاهرين في أنحاء البلاد والتعرف على مثيري الشغب منهم. (5) تهيمن على السياسة الأمريكية ظاهرة "البارانويا"، التي تعني توجس المرء وشعوره بأن ثمة عالماً او كائناً عدائياً يتربص به ويتآمر عليه. هذه الفكرة رصدها وأثبتها المؤرخ ريتشارد هوفشتاتر، والقى فيها محاضرة شهيرة بجامعة اوكسفورد، صدرت في كتاب نشر عام 79، عرضه الأستاذ محمد يوسف عدس في دراسة نشرتها له مجلة "الهلال" في عدد أول ديسمبر الحالي. عرض هوفشتاتر لنظرية المؤامرة الكامنة في التاريخ السياسي الأمريكي منذ تسعينيات القرن الثامن عشر، وتتبع مظاهرها بالتفصيل حتى انتهت بالمؤامرة الشيوعية التي تذرع بها ماك ارثر بعد الحرب العالمية الثانية ليشن حملة تطهير إرهابية شملت العديد من المفكرين والمثقفين والمنظمات الأمريكية (لم تكن حكاية الارهاب والقاعدة قد ظهرت بعد). ولكي يضرب المؤلف مثلاً على تجليات نظرية المؤامرة الوهمية التي تعصف بالعقل الأمريكي بين الحين والآخر، فانه استعار قصة مسكونة بالمؤامرات الوهمية كان الأمريكيون يرددونها في ستينيات القرن العشرين (نشرتها نيويورك تايمز في 21/7/63). تقول القصة التي صدقها الناس ان 35 ألفاً من القوات الشيوعية الصينية يحملون أسلحتهم ويرتدون زياً عسكرياً بلون ازرق إمعانا في التمويه، ويقتربون من الحدود المكسيكية ويتأهبون لغزو سان دياجو.. وان الحكومة الفيدرالية الأمريكية سلمت او هي في سبيل تسليم زمام قيادتها البحرية والجوية إلى كولونيل روسي يعمل في الأمم المتحدة.. وعلى نحو تقريبي فان كل أمريكي مشهور او قائد كبير في العالم الحر هو في الحقيقة عميل شيوعي.. وان الجيش الأمريكي الذي يقوم بالتدريب على حرب العصابات في ولاية جورجيا، في عملية تسمى "أفعى الماء الثالثة"، هو في الحقيقة جيش للأمم المتحدة، يتخفى في الزي العسكري الأمريكي ويتأهب للاستيلاء على بلادنا! ألا تفسر لنا هذه الخلفية تلك الصرعة الأمريكية التي ترى في كل عربي او مسلم إرهابياً، وفي كل حادث يقع بأي مكان بالكرة الأرضية انه من عمل تنظيم "القاعدة"؟